و قد قيل في أمثال الهند إن ثعالب خرجت في طلب ما تأكل، فرات جملا
ميتا، ففرحت به، و قلن: قد وجدنا ما نعيش به دهرا، و لكنا نتخوف أن يضرب بعضنا
بعضا؛ و لا ندع قويّنا يغلب ضعيفنا، و يجب أن نؤمّر علينا في قسمة هذا الرزق من هو
أقوى منا ليعطي كل واحد منا حقه، و يأخذ لنفسه قسمة كالواحد منا. فرضوا بذلك.
فبينما هم كذلك إذ مرّ بالثعالب ذئب، فقلن: هذا ذئب قد جاءنا و هو
قوي أمين، و كان أبوه ملكا في بعض الأزمان، و كان محسنا إلينا، و قد عوّلنا في ذلك
عليه، و هو لنا رضى. فخاطبوه في ذلك و عرضوا عليه ما أرادوه، فأجابهم إليه بعد
مراودات كثيرة، و قال لهم: ستجدون كما تحبون. و تولّى أمرهم و قسم في ذلك اليوم
بعض ذلك بينهم بالعدل. فلما كان الليل تفكر الذئب في نفسه فقال: إن في قسمة هذا
الجمل على هذه الثعالب عجزا و سخافة رأي، و ما ينبغي لي أن أفعل ذلك لأني ذو قوة و
ليس لهم قدرة، و هذا رزق ساقه اللّه إلي و خصّني به دونهم، فما الذي يدعوني إلى
إطعامها إياه، و اللّه يقسم لهم غيره و أنا أدّخره لنفسي.
فلما كان من الغد أصاب الجوع جماعة الثعالب، فاجتمعت عليه، فدفع
إليها نصف الجمل فقسمه بينها كما فعل بالأمس و قال: لا تعدن إلي بعد يومكنّ هذا،
فلا رزق لكنّ عندي، و إن عاودتنّ جرى عليكن مني مكروه. فعند ذلك علمت الثعالب أنها
وقعت في بلية، فقال بعضها لبعض: إن صاحبنا هذا خبيث فاجر، و نراه يريد ظلمنا و
التعدي علينا لأنه ذو قوة، و قد علم أنه ليس فينا من يقوى عليه و قد طمع في الفوز
بأرزاقنا. و قال بعضهم: لعله إنما حمله على ذلك ما كان فيه من الضّرّ، و لعله إذا
شبع منه قسم الباقي علينا، و في هذا اليوم يشبع فإن جثة الجمل عظيمة، و تلك الساعة
يرجع إلى