أهل الخلاف، فتهلك بهلاكهم، و يصيبك ما أصاب
العقعق حيث وافق الحمام في ذلك الوقت، و نحن نذكر هاهنا ما جرى بينهما.
فصل
يقال إن جماعة من الحمام البرّيّ كانت تطير في الهواء لطلب الرعي،
فرآها عقعق و قال في نفسه: ما لي لا أكون معها؟ فلعلها تمضي إلى موضع يكون به
معاش.
فصار في جملتها، و انتهوا إلى موضع أفيح مراح من الأرض، و كان سبق
إليه صياد فنصب شباكه و دفن فخاخه، و طرح فيها حبوبا كثيرة، و كمن في موضع لا يرى.
فقال الحمام بعضه لبعض: نمضي إلى مكان.
و قال بعضها: بل ننزل في هذا الموضع. و اختلفت و تنازعت فيما بينها
حتى تضاربت و تحاربت، و لم تزل كذلك حتى تقطعت إلى تلك الأرض، و رأت تلك الحبوب،
فأقبلت الجماعة على التقاطها، فأطبق الصياد عليها شباكه، فهبطن فيها جميعا. فأخذها
الصياد و أهلكها عن آخرها، و هلك العقعق مع الحمامات جميعا.
و إيّاك و المكان الذي تكون فيه المنازعة و الخلاف، و إن جرى و أنت
فيه، فاخرج و ابعد عنه ... و إيّاك و الظّلم و التعدّي على من هو دونك، فإنك إن
فعلت ذلك أصابك ما أصاب الذّئب الذي جار على الثعالب و غصبها و أراد قتلها و قطع
أرزاقها.