فنقول: اعلم أن الحركة هي النّقلة من مكان إلى مكان في زمان ثان، و
ضدّها السكون و هو الوقوف و الثبات في مكان واحد بين زمانين. و الحركة تكون سريعة
و بطيئة. فالسريعة هي التي يقطع المتحرّك بها مسافة طويلة في زمان قصير، و البطيئة
هي التي يقطع المتحرّك بها مسافة قصيرة في زمان طويل. و على هذا المثال تعتبر
الحركات و المتحركات.
ثم اعلم أن الحركات تنقسم من جهة الكيفية إلى ثمانية أنواع، كلّ
نوعين منها متقابلين من جنس المضاف. فمنها الكبير و الصغير، و السريع و البطيء، و
الدقيق و الغليظ، و الثقيل و الخفيف. فأما الكبير و الصغير من الأصوات فإن المثال
فيها أصوات الطبول الكبار و الصغار. و ذلك أن أصوات طبول المواكب، إذا أضيفت إلى
أصوات اللهو، كانت كبيرة، و إذا أضيفت إلى أصوات طبول الكوس[1]
كانت صغيرة، و إذا أضيف صوت طبول الكوس إلى صوت الرعد كان صغيرا. و على هذا المثال
تعتبر الأصوات في الصّغر و الكبر بإضافة بعضها إلى بعض، و هي التي تكون أزمان
السكونات ما بين نقراتها و حركاتها صغيرة بالإضافة إلى غيرها. و المثال على ذلك
أصوات مداق القصّارين و مطارق الحدّادين، فإنها سريعة بالإضافة إلى أصوات مداقّ
الرزّازين[2] و
الجصّاصين، فهذه بطيئة بالإضافة إليها، و أما بالإضافة إلى أصوات مجاذيف الملاحين
فهي سريعة. و على هذا المثال تعتبر سرعة الأصوات و بطؤها بإضافة بعضها إلى بعض.
و أما الدقيق و الغليظ من الأصوات فبإضافة بعضها إلى بعض كأصوات