responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 121

و العدل في الطلب هو ما لم يمل إلى الإلحاح في المسألة، و لا إلى الابتهال و الخضوع. و الحر لا يكون مهينا و الكريم لا يكون لجوجا. و لهذا قيل:

القنوع خير من الخضوع، و العدل في السياسة ما لم يمل إلى عبوس موحش و لا ملق مدهش. فإن العبوس يشين المودة، و يزيل ما في القلب من صفاء المحبة، و الملق يذهب برونق المروءة. و لهذا قيل من كثر ملقه لم يعرف ودّه. و العدل في البلاغة ما لم يقصر عن درك البغية، و إصابة المعنى، و قصد الغرض. أ لا ترى أن الهذر في المنطق بعد بلوغ الغاية لا يحتاج إليه، و لو كانت البلاغة هي البلوغ إلى غايات المعاني، لكان العالم كلهم بلغاء، خاصّهم و عامّهم. لأنه ما من أحد إلّا و هو إذا عبّر عمّا في نفسه بلغ غرضه في إفهام السامع عنه ما يريده منه، على حسب استطاعته و ما تساعده عليه آلاته. و إنما البلاغة هي التوصّل إلى إفهام المعنى بأوجز مقال و أبلغ كلام، ليعرف به المراد بأسهل المسالك و أقرب الطرق بواضح البيان و صادق المقال.

و الإيجاز في ذلك ما بلغت غاياته بيسير اللفظ، و الإطناب ما بلغت غاياته بالتطويل، فصارت البلاغة حينئذ التوسط بين الحالتين، و التوصل إلى إدراك الغاية من أقرب الطرق. و قيل البلاغة معرفة مواضع المفاصل المطلوبة بألفاظ مفهومة، و البليغ هو الذي لا يؤتى سامعه من سوء إفهامه، و الفهيم الذي لا يأتي بسوء فهم من يريد إفهامه بتقصير عن البلاغة في خطابه أو كتابه، فيخرق بفهمه و صفاء ذهنه تلك الحجب الحائلة بينه و بين المعنى الذي يقدر على الفهم، لأنه يجرّده من تلك الشوائب المعوّقة له عن البيان و الإيضاح. و البلاغة في اللغة من بالغت في كذا و كذا، و هي مشتقّة من المبالغة. يقال بلغت أبلغ بلوغا، فالمصدر منه بلاغة، فأنا بالغ. و تقول أبلغت الكلام و بلّغته إلى فلان أي أدّيته إليه.

و اعلم أن المعاني تنطق بها أفواه السّوقة و العوامّ في الأسواق و الطرق، و لكن قلّ من يحسن العبارة عنها. و ربما أراد المعنى فعبّر عن غيره و هو يظن‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست