المريضة، بتذكيرها أمر مبدئها، و ما قد
نسيته من أمر معادها بضروب الأمثال بالوعد و الترغيب في جزيل الثواب و المدح و
الثناء لمن تاب و أناب لعلهم يذكرون.
ثم اعلم إنه ذكر في كتب الطب أصل تركيب الجسد، و مزاج الأخلاق و
أسباب الأمراض و كيفية المداواة من مفردات الأدوية و مركّباتها التي تختلف شرباتها
بحسب اختلاف الأمزجة و الأهوية و العادات. فهكذا ذكر و تبيّن في كتب الأنبياء
المنزلة، :، الذين هم أطبّاء النفوس، و بيان ماهيّة النفس، و بدء كون
العالم، و سبب كون عصيان النفوس التي هي مرضها و مسقطها عن مراتبها الذي هو موتها
الأوّل، و سبب صحتها، و سبب تغيّرها و فسادها و أنواع أمراضها. و وصف كيفية مداواة
النفوس المريضة بالندم و التوبة، و حسن الأخلاق و الأفعال الحسنة و الاجتناب عما
نهى اللّه تعالى و رسوله، و بالتذكار لأمر المعاد و الأفعال الحسنة، و التوكّل على
اللّه في جميع الأمور كما قال تعالى:
ثم اعلم أن طائفة من العقلاء قد مالوا و أعرضوا عن الحق و الديانات
النبوية إلى الآراء الحكمية، و ذلك لقصور فهمهم عن صور تلك الأمور التي أشارت
إليها الأنبياء، :، في إشاراتهم و رموزهم، فعجزوا عن إدراك حقائق تلك
المعاني التي ألقتها إليهم الملائكة من الوحي و الإلهام و التأييد و الإشارات؛ و
إنما قبلت الأنبياء الوحي من الملائكة بصفاء جوهر نفوسها، و مجانسة أرواحها