الإنسان قيل: كلام و لفظ و منطق بالجملة، و
عند التفصيل و التقسيم فكثرة الألوان و الفنون مثل كلام الخطيب، و إنشاد الشعر، و
قراءة القرآن، و ما شاكل ذلك، و ينسب ذلك الكلام إلى المعنى المقصود إليه به.
فقد بان بما ذكرنا الفرق بين الصوت الحيواني و الكلام الإنساني، و ما
يحدث من حركة الهواء، و ما يظهر من اجسام النبات و المعادن. و إذا تأملت ذلك و
ميّزته بفكرتك، و أعملت فيه رويّتك، رأيت تلك الحركات، و سمعت تلك الأصوات و
النغمات و المجاوبات، و تبينت أن العبارات كلّها تأدية عن النفوس الجزئية بما
أمدّتها النفس الكلية.
و كذلك الحركات الكلية العرضية أصلها الحركة الذاتية؛ و هذه أعراضها
و تلك جواهرها، و هذه فانية و تلك الحركات باقية. لأن مركز هذه سفليّ و مقرّ تلك
علويّ. و هذه منها فاضلة و منها غير فاضلة، و تلك فاضلة كلها.
و بعض هذه حيّ و بعضها ميت، و تلك كلها حيّة. و بعض هذه متكلمة ناطقة
و بعضها مصوّتة، و تلك ناطقة كلها. و بعض هذه أصواتها مفهومة و بعضها أصواتها غير
مفهومة، و تلك أصواتها كلها مفهومة. و بعض هذه الأصوات دالّ و بعضها غير دالّ، و
تلك كلها دالة. و معاني هذه الأصوات مضمّنة في حروفها، و تلك كلها معان. و أهل هذه
يحتاجون إلى من يكشف لهم معانيها و يدلهم على مراميها، و أولئك لا يحتاجون إلى
ذلك، و هؤلاء يضجرون من الكلام و يملّون، و اولئك لا يضجرون، و هؤلاء أكثرهم غير
طيّبي النغمة و لا لذيذي الصوت و لا حسني الكلام، و أولئك كلهم طيّبو النغمة ذوو
ألحان لذيذة. و بعض هذه الأصوات معكوس يشبه أصوات أهل جهنم، و زفيرهم و شهيقهم
كنعيق الكلاب و نهيق الحمار و زعقات البوم و صياح السباع، و ما يحدث في القلوب من
الوحشة و النّفور و الفزع و الرّعب، و ما تضجر منه النفوس، و ما شاكل هذه الأصوات
و المصوّتات. ثم اعلم أن كل صوت يسمع