منه فائدة، و لا فائدة أيضا في قوله و لا في
سماع ذلك، و لا يعدّ هذا من المتكلم به فضيلة بل ربما من هجر قوله[1].
و كذلك لو سمع قائلا يقول: إني قد حملت الجبل و خضت النار و رأيت
شجرة على سطح البحر نابتة، فإنه لا يشكّ في كذبه و بطلان قوله، فهذا القسم
الممتنع.
و أما الجائز أن يكون صدقا و أن يكون كذبا فهو الذي يجب أن يطلب
الدليل عليه، و الفائدة واقعة فيه، و به يستفيد السامع، و عنه يسأل السائل، و
المعنى الذي به يوصل إلى علم الحقيقة ما كان عند الإخبار ممكنا أن يكون صدقا و
كذبا، و هو أن يكون متيقنا عند من بلغه عنه الكذب و الصدق يقينا، و يعلم أن ذلك
ثابت بحيث يثبت عليه نظر أهل العقول كمعرفة من أخبر بعمارة المدينة أو حال الميت
بما وصف به المخبر عنه، فقد صار كذب المخبر منفيّا، و عند من تقدمت عنه صحّته. و
كذلك ما حكمت عليه العقول و قضت به البراهين عند العارفين، فإنهم يعرفون ما غاب
كعلم ما حضر، و يصير الدليل و البرهان كالمثال، لأن المثال صورة المخبر عنها،
المدلول بصفاتها على معنى الخبر، فاعلم ذلك.