responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 106

أن الأكمه‌[1] الذي يولد كذلك لا يمكنه أن يتصور السماء و لا موضعها من الجهات، لأنه لم ير جهة فتؤدّيها الحاسة الناظرة إلى حاسة القلب المناسبة لها، لأن حاسة البصر تؤدي آثار محسوساتها إلى قوة عاقلة مناسبة لها، حافظة لما يؤدّى إليها. و لذلك قال تعالى: «فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» و قد بيّنّا في رسالة الحاس و المحسوس شيئا من هذا بغير هذا الشرح.

ثم اعلم أن القلب في الجسد مصوّر على صورة الإنسان، و لذلك صار أفضل الأعضاء التي في أجسام الحيوان، و ذلك أن له بصيرة يبصر بها ما غاب من حاسة النظر من خارج، و له مسامع يدرك بها الأصوات و يؤدي إلى حاسّة السمع ما يدركه بها، و له حاسة اللمس فهو يتشوّق إلى محسوساتها إذا فقدها، مثل ما يشتاق العاشق عناق معشوقه و التزامه.

و كذلك الأكمه لا يتصور بقلبه صور الأشياء، لأن حاسة البصر لم تؤد إلى الحاسة المختصة بالقلب شيئا، فتبقى تلك الحاسة فارغة معطّلة، مغلقة الباب، لا يطرقها طارق فيكون لها به معرفة. و لكل حاسّة من هذه الحواس مدركات بالذات و مدركات بالعرض و هي لا تخطئ في المدركات بالعرض. مثال ذلك البصر فإن المبصرات له بالذات هي الأنوار و الضياء و الظّلم. فأما إدراكها الألوان فإن ذلك بتوسط النور و الضياء. و أما سائر الأجسام و سطوحها و أشكالها و أوضاعها و أبعادها و حركاتها فهي بتوسّط الألوان، لأن كل جسم لا لون له لا يرى و لا يدرك البتّة. و المحسوسات التي له بالذات لا واسطة بينها و بينه في إدراكها، لأنه لا يحتاج البصر في إدراك الضياء و النور إلى شي‌ء آخر، و لا في إدراك الظلمة أيضا، و صار بينه و بين النظر إلى الألوان واسطة واحدة و هي النور، و صار بينه و بين إدراكه‌


[1] -الأكمه: الاعمى من الولادة.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست