و جريح و صريع، إذا أردت المفعول، و كريم و
رحيم و عليم، إذا أردت الفاعل.
و كذلك تجدها في حكم الطبيعة أن الرياح هي الملقحة للشجرة و غيرها،
فقد تبيّن إذا كيف يكون ذلك من الممازجة و الاختلاط، و بطل أن يكون من غير ممازجة.
و قولنا نكاحا طبيعيّا إنما هو على المجاز يعني به امتزاج الطبائع بعضها ببعض. فقد
أقمنا الدليل على أنه لا حيوان إلّا من نكاح، و لا صوت عرضيّ إلّا من جوهر، ثم
نرجع إلى الأصل في الأصوات.
فصل
ثم اعلم أن الأصوات على ضربين: مفهومة و غير مفهومة. فالمفهومة هي
الأصوات الحيوانية، و غير المفهومة أصوات سائر الأجسام مثل الحجر و المدر[1] و سائر المعدنيات. و الحيوانات أيضا
على ضربين: منطقية و غير منطقية. فغير المنطقية هي أصوات الحيوانات غير الناطقة، و
هي نغمات تسمّى أصواتا و لا تسمّى منطقا لأن النّطق لا يكون إلّا في صوت يخرج من
مخرج يمكن تقطيعه بالحروف التي إذا خرجت عن صفة الحروف، أمكن اللسان الصحيح نظمها
و ترتيبها و وزنها، فتخرج مفهومة باللغة المتعارفة بين أهلها، فيكون بذلك النّطق
الأمر و النهي و الأخذ و الإعطاء و البيع و الشّراء و التوكيل و ما شاكل ذلك من
الأمور المخصوصة بالإنسان دون الحيوان. فهذا فرق ما بين الصوت و النطق.
فأما مخارجها من سائر الحيوان فإنها من الرّئة إلى الصدر. ثم إلى
الحلق،