responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 2  صفحه : 60

فصل‌

و اعلم يا أخي بأن الجنّة إنما هي عالم الأرواح، و كله صورة روحانيّة، لا هيولى جرمانية، بل حياة محضة و راحة و لذّة و سرور و غبطة، لا يعرض لها الكون و الفساد، و لا التغيير و البلى، لأنها هي دار الحيوان، لو كانوا يعلمون. فإذا كانت الدار هي الحيوان، فما ظنّك يا أخي بأهل الدار كيف حالهم، فإنه يقصر الوصف عنهم إلّا بالاختصار، كما ذكر اللّه تعالى في كتابه على لسان نبيه محمد، صلى اللّه عليه و سلم، فقال: «فيها ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين، و أنتم فيها خالدون».

و اعلم يا أخي أن النار و جهنّم هي عالم الأجسام التي تحت فلك القمر، الذي هو دائم في الكون و الفساد و التغيير و الاستحالة و البلى، و أن أهلها «كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب» فازهد يا أخي في غرور هذه الدار كما زهد أنبياء اللّه، عزّ و جلّ، و أولياؤه و الفلاسفة الحكماء، فقد علمت أنها ليست بدار المقام، فاستعدّ للرّحلة و الانتقال باختيار منك لا مكرها و لا مجبرا قبل فناء العمر و تقارب الأجل.

و اعلم أنه لا يستوي لك هذا إلّا بعد أن تعرف فضل الآخرة على الدنيا، معرفة صحيحة بلا شكّ و لا تقليد، لأن جبلة الإنسان أن لا يزهد في الحاضر العاجل، و لا يرغب في الغائب الآجل، إلّا بعد معرفة فضل الآجل الغائب على العاجل الحاضر.

و اجتهد يا أخي في معرفة طلب ما أشار إليه أنبياء اللّه تعالى في الكتب المنزلة على ألسنتهم، المأخوذة عن الملائكة معانيها في وصف نعيم الجنان و سعادة أهلها، و صفة النيران و شقاوة أهلها، و ما أشار إليه أيضا الفلاسفة و الحكماء في رموزهم من وصف عالم الأرواح، و مدح أهلها، و ذمّهم عالم الأجسام، و سوء ثنائهم على أهلها. و لعلك تتصوّر بعقلك ما تصوّروا،

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 2  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست