و تشاهد بصفاء جوهر نفسك ما شاهدوا بصفاء
جوهر نفوسهم، فتنتبه نفسك من نوم الغفلة و رقدة الجهالة، و تعيش عيش السّعداء
العلماء، و ترتقي في المعارف، و تعلو همّتك نحو ملكوت السماء، و تكون في الآخرة من
السعداء. وفّقك اللّه أيها الأخ و إيانا و جميع إخواننا حيث كانوا في البلاد
للرّشاد، إنه رءوف رحيم بالعباد.
و إذ قد فرغنا من ذكر الأركان الأربعة التي هي دون فلك القمر، و هي
النار و الهواء و الماء و الأرض، و وصفنا ما يخصّ كلّ واحدة من الصّور المقوّمة
المبلّغة له إلى أفضل حالاته، و بيّنا كيفيّة استحالات بعضها إلى بعض، و أخبرنا أن
أوّل ما يتحلّل من البخارات، و من البخارات تنعقد العصارات، و من العصارات تتكون
الكائنات التي هي المعادن و النباتات و الحيوانات، فنختم هذه الرسالة و نبدأ بعدها
برسالة أخرى نذكر فيها البخارات الصاعدة في الهواء، و نصف كيفيّة حوادث الجوّ منها
في رسالة أخرى، و هي الملقّبة برسالة الآثار العلويّة و حوادث الجوّ.
تمت رسالة الكون و الفساد و يتلوها رسالة الآثار العلوية