و العشرين، و ذلك أن القوة الناطقة من العقل
تأخذ معانى ألفاظه بجريانه في الحلقوم، فيعبّر عنها بثمانية و عشرين حرفا. و نسبة
ثمانية و عشرين حرفا للقوة الناطقة كنسبة ثمانية و عشرين منزلا للقمر.
لما كان في الفلك عقدتان و هما الراقص و الذنب، و هما خفيّا الذات،
ظاهرا الأفعال، بهما سعادات الكواكب و نحوساتها، كذلك وجد في الجسد أمران خفيان
للذات، ظاهرا الأفعال، بهما صلاح بنية الجسد و صحة الأفعال للنفس، و هما صحة
المزاج و سوء المزاج. و ذلك أنه إذا صحّ مزاج أخلاط الجسد، صحت أعضاؤه و استقامت
أفعال النفس و جرت على الأمر الطبيعي.
و إذا فسد المزاج اضطربت البنية و عيقت أفعال النفس عن جريها على
السّداد، و أضرّ ما يكون نحوسة العقدتين على النيّرين، لأنها أوكد الأسباب في
كسوفهما، و كذلك أضرّ ما يكون سوء المزاج على القوة الناطقة و القوة العاقلة، لأنه
يعوقهما من أفعالهما أكثر و أشدّ.
و العينان في الجسد مناسبتان لبيتي المشتري في الفلك، و الأذنان في
الجسد مناسبتان لبيتي عطارد في الفلك، و المنخران في الجسد و الثّديان مناسبتان في
الجسد لبيتي الزّهرة، و السبيلان لبيتي زحل، و الفم لبيت الشمس، و السّرّة لبيت
القمر. و السّرّة كانت باب الغذاء في الرّحم قبل الولادة، و الفم باب الغذاء في
الدنيا، و السبيلان مقابلان لهما كتقابل بيتي زحل لبيتي النيّرين.
و كما أن في الفلك بروجا فيها حدود و وجوه و درجات لها أوصاف مختلفة،
كذلك للجسد أعضاء و مفاصل و عروق و أعصاب و عظام مختلفة يطول شرحها و مناسبتها
بحدود الفلك، و قد تركنا ذكر ذلك.