و لما كانت الأبراج ستة منها جنوبية، و ستة
منها شمالية، كذلك وجدت ستّ ثقب في الجسد في الجانب اليمين، و ستّ في الجانب
الشمال مماثلة لها بالكمية و الكيفية جميعا.
و لما كان في الفلك سبعة كواكب سيّارة بها تجري أحكام الفلك و
الكائنات، كذلك وجد سبع قوى في الجسد فعّالة بها يكون صلاح الجسد.
و لما كانت هذه الكواكب ذوات نفوس و أجسام، لها أفعال جسمانية في
الأجسام، و أفعال روحانية في النفوس، كذلك وجدت في الجسد سبع قوى جسمانية، و هي
القوى الجاذبة و الماسكة و الهاضمة و الدافعة و الغاذية و النامية و المصوّرة؛ و
سبع قوى أخرى روحانية، و هي القوى الحساسة، أعني الباصرة، و السامعة، و الذائقة، و
الشامّة، و اللامسة؛ و القوة الناطقة، و القوة العاقلة. و القوة الحساسة مناسبة
للخمسة المتحيرة، و القوة الناطقة مناسبة للقمر، و القوة العاقلة مناسبة للشمس؛ و
ذلك أن لكل واحد من الكواكب الخمسة بيتين في الفلك، أحدهما في حيّز الشمس و الثاني
في حيّز القمر، و النّيران لكل واحد منهما بيت، كما بيّنا في رسالة النجوم.
كذلك وجد في بنية الجسد لكل واحد من القوى الحساسة مجريان، أحدهما في
الجانب الأيمن، و الآخر في الجانب الأيسر. فالقوة الباصرة مجراها في العينين، و
القوة السامعة مجراها في الأذنين، و القوة الشامّة مجراها في المنخرين، و القوة
اللامسة مجراها في اليدين، و القوة الذائقة الشهوانية مجراها في الفم بالجانب
الأيمن أشبه، و الفرج بالجانب الأيسر أشبه.
و أما القوة الناطقة فمجراها الحلقوم إلى اللسان، و القوة العاقلة
فمجراها وسط الدماغ، و نسبة القوة الناطقة إلى القوة العاقلة كنسبة القمر إلى
الشمس.
و ذلك أن القمر يأخذ نوره من الشمس في جريانه من منازل القمر
الثمانية