هناك. فطوله من سطح الأرض إلى حيث ينقطع في
فلك عطارد مثل قطر الأرض مائة مرّة و ثلاثون مرّة، فيكون في سمك الهواء منه ستّة
عشر جزءا و نصف، و في سمك فلك القمر مثل ذلك، و سبعة و ستّون جزءا منه في سمك فلك
عطارد إلى حيث ينقطع؛ و يكون قطر هذا الظلّ حيث يمرّ القمر في وقت مقابلة الشمس
مثل قطر جرم القمر مرّتين و ثلاثة أخماس.
فإذا اتفق أن تكون الشمس عند إحدى العقدتين اللّتين تسمّيان الرأس و
الذنب، فيكون مرور القمر في سمك الظلّ كلّه ممنوعا عنه نور الشمس، فينكسف ثم يخرج
من الجانب الآخر و ينجلي.
و أما ظلّ جرم القمر فيبتدئ من سطح جرمه و يمتدّ منخرطا في سمك بعضه،
و الباقي في سمك الهواء، و يقطعه حتى يصل إلى وجه الأرض، فيكون قطر استدارته على
وجه الأرض هناك مقدار مائة و خمسين فرسخا، يزيد و ينقص بقدر بعد القمر عن الأرض و
قربه منها، و هذا في وقت اجتماعه مع الشمس. فإن اتفق اجتماعهما عند إحدى العقدتين
نرى القمر محاذيا لأبصارنا و لجرم الشمس، فيمنع عنّا نورها فنراها منكسفة. و إذا
كان القمر في غير هذين الموضعين، أعني الاجتماع و الاستقبال، يكون إلى أحد
الموضعين أقرب، فإن كان قربه إلى الاجتماع أكثر، كان رأس مخروط ظلّه في سمك
الهواء، و إن كان إلى الاستقبال أقرب، كان رأس مخروط ظلّه في سمك فلكه أو في سمك
فلك عطارد. و أما رأس مخروط ظلّ الأرض فإلى الدرجة المقابلة لدرجة الشمس، في أي
برج كانت، و يدور أبدا في مقابلة الشمس، فإذا كانت من فوق الأرض، فظلّ الأرض
تحتها، و إن كانت تحت الأرض، فظلّ الأرض فوقها، و إن كانت بالمشرق، فظلّ الأرض إلى
ناحية المغرب، و إذا صارت بالمغرب صار الظلّ إلى ناحية المشرق، و هذا دأبهما دائما
يكونان حول الأرض و هما الليل و النهار.