و الشجاعة، و المواهب و الطلب و العطاء، و الإقدام
و الحميّة، و الإنصاف و العزة. و بالجملة كل خصلة و خلق و سجية لا بد منها لساسة
الأمور، و قادة الجيوش، و رعاة الجماعات، و مدبّري الملك و الناموس جميعا، و
تشاركه سائر الكواكب في التدبير، كلّ واحد سبع هذه المدة، فتمتزج طبائعها، و تتحد
قواها، و تظهر أفعالها مشاركة لسائر الكواكب، لا يعلم تفصيل ذلك إلّا اللّه و
الراسخون في علم النجوم، و قليل ما هم.
ثم يصير المولود في تدبير المشتري اثنتي عشرة سنة، و هو صاحب الدين و
الورع، و التوبة و الندامة، و الزهد و العبادة، و الرجوع إلى اللّه، جل ثناؤه،
بالصوم و الصلاة، و الصدقة و الاستغفار، و طلب الآخرة و الرغبة فيها، و التزود
للرحلة من هذه الدار الفانية إلى دار القرار الباقية. و يشاركه سائر الكواكب، كلّ
واحد سبع هذه المدة، فتمتزج طبائعها، و تتحد قواها، و ربما ظهرت أفعالها متناقضة
من أجل القوى المتضادة. و ذلك أن الإنسان العاقل ربما حصل في هذه المدة متجاذبا
بين أمرين اثنين متضادّين، و ذلك أن الزّهرة إذا استوت بدلالتها بشركة المرّيخ على
أحوال المولود، دلت له على الرغبة في الدنيا، و الحرص على شهواتها و لذاتها،
فيزيده المرّيخ قوة و نشاطا، و عطارد لطفا و رفقا و حيلة، و زحل ثباتا و وقوفا و
صبرا، و القمر زيادة و نموّا، و الشمس عزّا و رفعة؛ و بالضد من هذه كلها. أما
المشتري و طباعه، إذا استولى على الإنسان العاقل بدلالته بشركة زحل على أحوال
المولود، دلّ له على الزهد في الدنيا، و قلّة الرغبة في شهواتها و لذاتها، و شدة
الرغبة في الآخرة، و الحرص على طلبها، و يزيده المرّيخ قوة و نشاطا في الطلب، و
يزيده عطارد لطفا و رفقا و حيلة، و تزيده الزّهرة رغبة و شهوة و استحسانا و
تزيينا، و يزيده زحل صبرا في العبادة و ثباتا على التوبة، و تزيده الشمس نورا و
هداية و كبر نفس و تسلية و تلطفا عن الدنيا الدنيّة، و يزيده القمر أتباعا و
أعوانا على ما هو عليه.