و البركات، و إلى هناك يصعد بالأعمال
الصالحة، و إليه يعرج بأرواح المؤمنين و أنفس الأخيار من عباده الصالحين من
النبيّين و الصّدّيقين و الشهداء و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا، كما بيّنّا في
رسالة البعث و القيامة.
فانتبه يا أخي من نوم الغفلة و رقدة الجهالة، و استعدّ للرحلة من هذه
الدار، و تزوّد فإن خير الزاد التقوى، فلعلّ نفسك توفّق إلى الصعود إلى هناك،
فتجازى بأحسن الجزاء، لأن من هناك ورودها إلى هذا العالم، و إلى هناك يكون مرجعها
و مستقرّها، كما بيّنّا في رسالة الأدوار و الأكوان.
ثم اعلم يا أخي بأنه ما دام التدبير لزحل إلى تمام شهر، ثلاثين يوما،
فإن تلك العلقة تكون باقية بحالها، غير مختلطة و لا ممتزجة، بل جامدة متمسكة،
جارية إليها الموادّ، لغلبة برد زحل و سكونه، و ثقل طبيعته، إلى أن يدخل الشهر
الثاني، و يصير التدبير للمشتري الذي فلكه يتلو فلك زحل، و تستولي عليها قوى
روحانيته، فيولد عند ذلك في تلك العلقة حرارة، و تسخن و يعتدل مزاجها، و يختلط
الماءان، و يمتزج الخلطان، و يعرض لتلك الجملة حركة مثل الاختلاج و الارتعاش و
الهضم و النّضج، فلا تزال هذا حالها ما دامت في تدبير المشتري إلى تمام شهرين. ثم
يدخل الشهر الثالث، و يصير التدبير للمرّيخ الذي يلي المشتري في الفلك، و تستولي
على تلك العلقة قوى روحانية، و يشتد اختلاجها و ارتعاشها، و يتولد فيها فضل حرارة
و سخونة، و تصير تلك العلقة مضغة[1] حمراء،
فلا تزال تتقلب حالا بعد حال من النضج و الاستحكام بمشاركة قوى روحانيات سائر
الكواكب للمرّيخ إلى تمام ثلاثة أشهر. ثم يدخل الشهر الرابع، و يصير التدبير للشمس
رئيسة الكواكب و ملكة الفلك، و قلب العالم بإذن الباري جل ثناؤه.