ثم اعلم يا أخي أن للنفس النباتية سبع قوى فعّالة، و هي الجاذبة و
الماسكة و الهاضمة و الدافعة و الغاذية و النامية و المصوّرة. و أن أول فعلها عند
استقرار النّطفة في الرحم هو جذبها دم الطّمث[1]
إلى الرحم، و إمساكها لها هناك و هضمها.
ثم اعلم يا أخي بأنه إذا جذبت هذه القوة الدم إلى هناك، أخفته حول
النّطفة و أدارته عليها كما يدور بياض البيض حول محّها[2]،
فيكون عند ذلك حول النّطفة كالمحّة، و دم الطّمث حولها كالبياض. ثم إن حرارة
النّطفة تسخّن رطوبة الدم، فتنضجها، فتسخن و تنعقد تلك الرطوبة، فتصير علقة، كما
ينعقد اللبن الحليب من الإنفحة[3]، و تستولي
عند ذلك على تلك الجملة قوى روحانيات زحل، و تبقى في تدبيراتها بمشاركة قوى
روحانيات سائر الكواكب شهرا واحدا ثلاثين يوما، سبع مائة و عشرين ساعة، كما ذكر
ذلك في كتب أحكام النجوم بشرح طويل. و نريد أن نذكر من ذلك طرفا ليكون دستورا لما
أن نتكلم فيما بعد.
و اعلم يا أخي بأن ابتداء تدبير النّطفة إنما صار لزحل من أجل أنه
أعلى الكواكب السيّارة فلكا مما يلي فلك الكواكب الذي هو مكان الجواهر الشريفة، و
منصب القوى الروحانية، و معدن النفس القدسيّة، و مستقرّ الأرواح الخيّرة، و مبدأ
القوى العقليّة، و الملائكة العلّامة المفكّرة، و الأجرام النيّرة الشفّافة. و من
هناك تنزل الملائكة بالوحي و التأييد و الأنباء و الخير