الهزار داستان، قال: صدق أيها الملك فيما
قال، و لكن نحن و إن كانت صورنا مختلفة كثيرة، فنفوسنا واحدة، و هؤلاء الإنس، و إن
كانت صورتهم واحدة، فإن نفوسهم كثيرة مختلفة.
قال الملك: و ما الدليل على أن نفوسهم كثيرة مختلفة؟
قال: كثرة آرائهم، و اختلاف مذاهبهم، و فنون دياناتهم، و ذلك أنك تجد
فيهم اليهود و النصارى و الصابئين و المجوس و المشركين، و من عبدة الأصنام و
النيران و الشمس و القمر و النجوم و الكواكب و غيرها، و تجد أيضا أهل الدين الواحد
مختلفي المذاهب و الآراء مثل سامريّ و غيابيّ و جالوتي و نسطوري و يعقوبي و ملكاني
و شنوي و مانوي و خرّمي و مزدكي و ديصانيّ و بهرمي و شمسي و خارجي و رافضي و ناصبي
و قدري و جهمي و معتزلي و سني و جبريّ، و ما شاكل هذه المذاهب التي يكفّر أهلها
بعضهم بعضا، و يلعن بعضهم بعضا، و يقتل بعضهم بعضا. و نحن من هذه كلها برآء،
مذهبنا واحد، و اعتقادنا واحد، و كلنا موحّدون مؤمنون مسلمون، غير مشركين و لا
منافقين، و لا فاسقين و لا مرتابين، و لا شاكّين و لا متحيّرين، و لا ضالّين و لا
مضلّين. نعرف ربنا و خالقنا و رازقنا و محيينا و مميتنا، فنسبّحه و نهلله و نقدسه
و نكبّره بكرة و عشيّا، و لكن هؤلاء الأناس لا يفقهون تسبيحهم.
فقال الإنسي الفارسي: نحن أيضا كذلك، إن ربنا واحد، و إلهنا و خالقنا
و رازقنا واحد، و محيينا و مميتنا واحد، لا شريك له.
فقال الملك: فلم تختلفون في الآراء و المذاهب و الديانات و الرب
واحد؟
قال: لأن الديانات و الآراء و المذاهب إنما هي طرق و مسالك و محاريب
و وسائل، و المقصود واحد. من أي الجهات توجّهنا فثمّ وجه اللّه.
قال: فلم يقتل بعضكم بعضا، إذا كانت الديانات كلها قصدها واحد، و هو التوجه
إلى اللّه؟