الأحجار عند الحكّ أكلا، و تليّنها و تجعلها
ملسا؛ و مثل طبيعة الأسرب الوسخ الذي يفتّت الماس القاهر لسائر الأحجار الصلبة، و
ذلك أن الماس لا يقهره شيء من الأحجار و هو قاهر لها كلّها، لو أنه ترك على
السّندان و طرق بالمطرقة لدخل في أحدهما و لم ينكسر، و إن جعل بين صفحتين من أسرب
و ضغط عليهما تفتت. و مثل طبيعة الزّئبق التيّار[1]
الرطب القليل الصبر على حرارة النار، إذا طليت به الأحجار المعدنية الصلبة مثل
الذّهب و النحاس و الفضة، أوهنها و أرخاها، حتى يمكن أن تكسر بأسهل سعي و تفتت
قطعا قطعا، و مثل الكبريت المنتن الرائحة، المسوّد للأحجار النيّرة البرّاقة،
المذهب لألوانها و أصباغها، يمكّن النار منها، حتى تحترق في أسرع مدة. و العلّة في
ذلك أن في الكبريت رطوبة دهنيّة لزجة جامدة، فإذا أصابته حرارة النار، ذاب و التصق
بأجساد الأحجار و مازجها، فإذا تمكّنت النار فيه احترق و أحرق معه تلك الأجسام،
ياقوتا كانت أم ذهبا أم غيرهما.
و أما الطبيعة التي تزيّن طبيعة أخرى و تنوّرها فمثل النوشادر الذي
يغوص في قعر الأحجار و يغسلها من الوسخ.
و أما الطبيعة التي تعين طبيعة أخرى فمثل البورق الذي يعين النار على
سرعة سبك هذه الأحجار المعدنيّة، الترابيّة، و مثل الزاجات و الشّبوب التي تجلوها
و تنوّرها و تصبغها، و مثل المسينا[2] و القلى[3] المعينان على سبك الرمل و تصفيته،
حتى يكون زجاجا شفافا. و على هذا القياس و المثال حكم سائر الأحجار المعدنية في
تأثيرات بعضها في بعض. فأما تأثيراتها في أجسام الحيوان فقد ذكر ذلك في كتب
الأدوية و الطبّ و العقاقير.