responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 2  صفحه : 113

فصل‌

و اعلم أن لهذه الجواهر المعدنيّة خواصّ غريبة، و خلقها و تكوينها عجيب جدّا، فإذا فكّر العاقل في لطيف صنع الباري، جلّ جلاله، و إتقان حكمته فيها، يبقى متعجبا باهتا، و يزداد بربه معرفة و يقينا، و خاصة إذا فكّر في خلقة الدّرّة و تكوينها، و ذلك أن هذه الجوهرة إنما هي ماء و رطوبة هوائيّة عذبة، و دهنيّة جامدة، منعقدة بين صدفين، كأنهما خزفتان منطبقتان، ظاهرهما خشن وسخ، و باطنهما أملس نقيّ أبيض، في جوفها حيوان كأنه قطعة لحم، خلقته خلقة الرّحم، مسكنه في قعر البحر المالح، و هو قد ضمّ ذينك الصّدفين على نفسه من جانبيه، كما يضمّ الطائر جناحيه عند السكون عن الطيران، مخافة أن يدخل فيه ماء البحر المالح، حتى إذا أحسّ بسكون البحر عن الاضطراب في أمواجه، ارتقى من قعره إلى أعلى سطحه بالليل، في وقت من الزمان معلوم مخصوص عنده، و فتح تلك الصدفتين كما تفتح فراخ الطير أفواهها عند زقّ الطائر لها، و كما يفتح فم الرّحم عند الجماع، فيرشح في جوفه من ندى الهواء و رطوبة الجو، و تجتمع فيه قطرات من الماء العذب من ذلك الصقيع الذي يقع بالليل على النّبت و الحشيش. فإذا اكتفى ضمّ تينك الصدفتين على نفسه ضمّا شديدا، مخافة أن يرشح فيه ماء البحر المالح، فتفسد تلك الرطوبة العذبة بما يخالطها من ملوحته، و ينزل برفق إلى قرار البحور، فيسكن هناك زمانا، فإذا طال الزمان على تلك الرطوبة العذبة، غلظت و ثقلت و صارت في قوام الزئبق، و تدحرجت في جوفه بحركته، فيصير حبّات مستديرات، كما يصير الزّئبق إذا تبدّد و تدحرج. ثم على ممرّ الزمان تجمد و تنعقد و تصير درّا صغارا و كبارا، ذلك تقدير العزيز العليم.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 2  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست