و لكن تحتاج أن تكون العلّة ذاتية، حتى تكون
القضيّة صادقة قبل العكس و بعده، كقولك: كلّ ذي لون فهو جسم، فإذا عكسته و قلت:
و كلّ جسم فهو ذو لون، لأنه لا يوجد شيء ذو لون إلّا و هو جسم، فإذا
الجسم علّة ذاتيّة لذي اللون.
و أمّا قوله: و أن تكون المقدّمة كلّيّة، فمن أجل أن المقدّمات
الجزئية لا تكون نتائجها ضروريّة و لكن ممكنة، كقولك: زيد كاتب، و بعض الكتّاب
وزير، فيمكن أن يكون زيد وزيرا، و أما إذا قيل:
كلّ كاتب فهو يقرأ، و زيد كاتب، فإذا زيد بالضّرورة قارئ.
فصل في أن الحكم بالصفات الذاتية
و أما قوله: و أن يكون كون المحمول في الموضوع كونا أوّليّا، فمن أجل
أن المحمولات في الموضوعات على نوعين، منها أوّليّات، و منها ثوان، مثال ذلك: كون
ثلاث زوايا في كلّ مثلّث كونا أوّلا، لأنها هي الصّورة المقوّمة له، فإمّا أن تكون
حادّة أو قائمة أو منفرجة، فهو كون ثان. فقد استبان أنه لا يستعمل في القياس
البرهاني إلّا الصّفات الذاتيّة الجوهريّة، و هي الصّورة المقوّمة للشيء، و بها
يكون ذلك الحكم المطلوب الذي يخرج في النتيجة الصادقة.
و اعلم يا أخي أن الصفات الذاتية الجوهرية ثلاثة أقسام: جنسيّة و
نوعيّة و شخصيّة، كما بيّنّا في رسالة إيساغوجي، فأقول، و احكم حكما حتما كما
تعلمه و لا تشكّ فيه: بأن كل صفة جنسيّة فهي تصدق عند الوصف على جميع أنواع ذلك
الجنس ضرورة. و هكذا أيضا كل صفة نوعية فهي تصدق على جميع أشخاص ذلك النوع عند
الوصف لها. فهذه الصفات هي التي تخرج في النتيجة صادقة، فاستعملها في البرهان، و
احكم بها. و أما الصفات الشخصيّة