و لا يقال بصر العمى. و القنية و العدم لا
يجتمعان، كما أن الضّدّين لا يجتمعان، فإذا كانت القنية جسمانية كان العدم أيضا
جسمانيّا، و إن كانت روحانية فكذلك العدم أيضا روحانيّ. و لا يقال العادم للقنية
إلّا إذا حان وقت وجوده، مثال ذلك لا يقال للطفل إنه أدرد[1]
إلّا إذا حان خروج أسنانه، و لا تاركا للفعل إلا حين إمكانه الفعل.
فصل في معنى قدم الأشياء
و اعلم بأن تقدم الأشياء بعضها على بعض من خمسة أوجه أحدها بالزمان و
الكون كما يقال: إن موسى أقدم من عيسى، و الآخر بالطبع كما يقال:
إن الحيوان أقدم من الإنسان، و الثالث بالشرف كما يقال: الشمس أقدم
من القمر، و الرابع بالمرتبة كما يقال في العدد: إن الخمسة أقدم من الستة، و الوجه
الخامس بالذات، كالعلة و المعلول، و الشيء في الشيء على عدّة أوجه، الشيء في
المكان و في الزمان و في الوعاء، و العرض في الجوهر، و الجوهر في العرض، و الشخص
في النوع، و النوع في الجنس، و عكس هذا، و السائس في السياسة، و السياسة في
السائس، و الشيء في التمام، و الأجزاء في الكل و ما شاكلها، و الشيء مع الشيء
يقال على ثلاثة أوجه: مع الزمان مثل الفيء مع الضوء، و مثل المضافين كما بيّنّا،
و مثل الأنواع التي كلّها معا تحت جنس واحد.
و اعلم يا أخي بأن مثل هذه العشرة الألفاظ، و ما يتضمّنها من المعاني
التي هي عشرة أجناس، المحتوية على جميع معاني الأشياء و ما تحت كلّ واحد من
الأنواع، و ما تحت تلك الأنواع من الأشخاص، كمثل بستان فيه عشر أشجار، على كل شجرة
عدّة فروع و أغصان، و على كلّ غصن