لا توجد في كل وقت، مثل المشيب، فإنه خاصيّة
للإنسان دون سائر الحيوانات، و لكن لا يوجد إلّا في آخر العمر. و منها خاصيّة لنوع
دون غيره و توجد في كل أشخاصه و في كل وقت، و تسمّى خاصّ الخاصّ، مثل الضّحك و
البكاء، فإنهما من خاصيّة الإنسان دون سائر الحيوانات، و لكل أشخاصه و في كل وقت،
و ذلك أن الضّحك و البكاء يوجدان للإنسان من وقت ولادته إلى وقت موته، و كذلك
الصهيل للفرس و النهيق للحمار و النّباح للكلاب؛ و بالجملة ما من نوع من أنواع
الحيوان إلا و له خاصيّة تختص به دون غيره، و هكذا حكم كل موجود من الموجودات له
خاصيّة تميزه عما سواه تسمّى رسوما، علم ذلك أو لم يعلم.
و اعلم أن بالفصول تنقسم الأجناس فتصير أنواعا، و بها تحدّ الأنواع،
لأنها مركّبة منها، و بالرسوم تختلف الأنواع و يخالف بعضها بعضا، يعني خاصّ الخاص.
و بالخواص التي هي أعراض بطيئة الزوال تختلف الأشخاص التي تحت نوع واحد، مثل
الزّرقة و الشّهلة و الفطسة[1] و القنوة[2] و النحافة و السّمرة و الطول و
القصر، و ما شاكلها من الصفات التي تختلف بها أشخاص الناس و يمتاز بعضهم عن بعض، و
كل هذه صفات بطيئة الزوال. و بالأعراض تختلف أحوال الأشخاص مثل القيام و القعود و
الغضب و الرضا، و ما شاكلها من الصفات التي لا تدوم و يتعاقبها ضدّها.
و اعلم بأن كل صفة للجنس فهي في جميع أنواعه، و كل صفة للنوع فهي في
جميع أشخاصه ضرورة، و ليس من الضرورة أن كل صفة للشخص لجميع نوعه، و لا صفة النوع
لجميع جنسه.