و أما قولهم: الفصل و الخاصة و العرض، فهي
ألفاظ دالة على الصّفات التي يوصف بها الأجناس و الأنواع و الأشخاص. و اعلم أن
الصفات ثلاثة، فمنها صفات إذا بطلت بطل وجدان الموصوف معه، فتسمّى فصولا ذاتية
جوهرية مثل حرارة النار و رطوبة الماء و يبوسة الحجر، و ما شاكلها، و ذلك أن حرارة
النار إذا بطلت بطل وجدان النار؛ و كذلك حكم رطوبة الماء و يبوسة الحجر، و كلّ صفة
لموصوف هكذا حكمه سمّيت فصلا ذاتيّا جوهريّا. و منها صفات إذا بطلت لم يبطل وجدان
الموصوف، و لكنها بطيئة الزوال، مثل سواد القير[1]
و بياض الثلج و حلاوة العسل و رائحة المسك و الكافور، و ما شاكلها من الصّفات
البطيئة الزوال، و لكن ليس من الضرورة أنه إذا بطل سواد القير أو بياض الثلج أن
يبطل وجدان أعيانها، فمثل هذه الصفات تسمّى خاصّية. و منها صفات سريعة الزوال
تسمّى عرضا، مثل حمرة الخجل و صفرة الوجل و مثل القيام و القعود و النّوم و
اليقظة، و ما شاكل هذه من الصفات يسمّى عرضا، لأنها تعرض لشيء و تزول عنه من غير
زواله، و سميّت الصّفات البطيئة الزوال خاصّيّة لأنها صفات تختصّ بنوع دون سائر الأنواع.
و تسمّى الصفات الذاتيّة الجوهرية فصولا لأنها تفصل الجنس فتجعله
أنواعا.
و اعلم أن الصفات التي تسمّى خاصيّة أربعة أنواع، فمنها ما يكون
خاصيّة لنوع، و يشاركه فيها نوع آخر، مثل خاصيّة الإنسان أنه ذو رجلين من بين سائر
الحيوانات، و لكن يشاركه فيه الطير. و منها ما هي خاصيّة لنوع، و لا يشاركه فيها
غيره، و لكن لا يوجد في جميع أشخاصه تلك الخاصّيّة، مثل الكتابة و التجارة و أكثر
الصنائع، فإنها خاصيّة لنوع الناس، و لكن لا توجد في كل إنسان. و منها خاصيّة قد
توجد لكل أشخاص النوع، و لكن