العقاقير و الأدوية المصلحة لأجساد المرضى؛
و المفسد مثل النار المهلكة لأجساد الحيوانات و أجساد النبات، و مثل الضّرب بالسيف
و السّكّين و ما شاكله من الأجساد المفسدة المهلكة لأجسام الحيوانات. فكذا حكم
الكلام و الأقاويل في النفوس نوعان: مصلح و مفسد، فالمصلح كالمديح و الثناء الجميل
الباعثين للنفوس على مكارم الأخلاق، و مثل المواعظ و المواعيد الزاجرين للنفوس عن
الأفعال القبيحة و عن مساوىء الأخلاق، و المفسد من الكلام للنفوس كالشتيمة و
التهديد و القبيح من الأقاويل الجالبة إلى النفوس العداوة و البغضاء، كما يقال:
ربّ كلمة جلبت فتنة و حروبا. كما قيل في المثل:
إن سبب العداوة بين الغربان و البوم كلمة تكلّم بها الغراب يوم
اجتماع الطير على تمليك البوم، و ربّ كلمة أطفأت نيران الحروب كما قيل في قصيدة:
لفظ
يثبّت في النفوس مهابة،
يكفي
كفاية قائد القواد
لا
تبلغ الأسياف باستهلاكها
ما
تبلغ الأقلام بالإيعاد
و من فضيلة النّطق أيضا أنه كاد أن يكون مطابقا للموجودات كلّها
كمطابقة العدد للمعدودات، و الدليل على ذلك كثرة اللغات، و اختلاف الأقاويل، و
فنون تصاريف الكلام، مما لا يبلغ أحد كنه معرفتها إلّا اللّه، عزّ و جلّ، فنريد أن
نذكر من ذلك طرفا شبه المدخل ليقرب على المتعلمين و ليسهل على الناظرين في علم
المنطق فهم معانيها.
فصل في اشتقاق المنطق و انقسام النطق إلى قسمين
اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أن المنطق مشتقّ من نطق
ينطق نطقا، و النّطق فعل من أفعال النفس الإنسانية، و هذا الفعل نوعان: فكري و
لفظي، فالنطق اللفظي هو أمر جسماني محسوس، و النطق