الناطور و الدّيدبان[1]
و أصحاب المراتب يكفيهم في صناعتهم العينان حسب؛ و منهم من يستعمل في صنعته عضوين
كالحاكي و النائحة، باليد و اللسان؛ و منهم من يحتاج إلى استعمال جسده كلّه
كالرّقّاص و السابح؛ و من الصنّاع من يحتاج في صنعته إلى المشي كالساعي و الماسح؛
و منهم من يحتاج إلى القعود دائما كالرّفّاء[2]
و الندّاف؛ و من الصنّاع من لا يحتاج في صناعته إلّا إلى أداة واحدة، كالبوّاق و
الزمّار و الدفّاف؛ و منهم من يحتاج إلى أداتين كالخيّاط و الكاتب، فإن الخيّاط
يكفيه في صنعته الإبرة و المقصّ، و الكاتب يكفيه القلم و الدواة، و أما استعمال
الكاتب السّكين فليس من صناعة الكتابة، و لكن من صناعة النّجارة؛ و من الصناع من
يحتاج إلى القيام دائما في صناعته كالحلّاج[3]
و دقّاق الأرزّ و الذي يدير الدّولاب برجليه.
فصل في أن النار من الأدوات المفيدة في الصناعة
و اعلم يا أخي بأن أكثر الصنائع لا بدّ من استعمال النّار فيها، و
كلّ صانع استعمل النار في صناعته فلأحد أسباب ثلاثة، إما في موضوعه كالحدّادين و
الصّفّارين و الزّجّاجين، و من يطبخ الجصّ[4]
و النّورة[5] و
أمثالهم، و غرضهم هو تليين الهيولى لقبول الصورة و الأشكال، و ذلك انه لما كانت
موضوعاتهم أحجارا صلبة لا تقبل الصّورة و الأشكال إلّا بعد تليين بالنار، فإذا
لانت أمكن الصّانع ان يصنع الصنعة التي في فكره، فتصير الهيولى بعد قبولها