الموضوع فيها الحيوان كصناعة الصيادين، و
رعاة الغنم و البقر، و ساسة الدوابّ، و البياطرة و أصحاب الطيور و من شاكلهم؛ و منها
ما هي الموضوع فيها أحد الأجسام الحيوانيّة من اللحم و العظم و الجلد و الشعر و
الصوف و القزّ، كصناعة القصّابين و الشوائين و الطبّاخين و الدّبّاغين و الأساكفة
و الخرّازين[1] و
السّيوريّين[2] و
الدّنّانين[3] و
الحذّائين و من شاكلهم؛ و من الصنائع ما هي الموضوع فيها مقادير الاجسام، كصناعة
الوزّانين و الكيّالين و الذرّاعين و من شاكلهم؛ و من الصنائع ما هي الموضوع فيها
قيمة الأشياء، كصناعة الصيارفة و الدلّالين و المقوّمين و من شاكلهم؛ و من الصنائع
ما هي الموضوع فيها أجساد الناس، كصناعة الطبّ و المزيّنين و من شاكلهم؛ و من
الصنائع ما هي الموضوع فيها نفوس الناس، كصناعة المعلمين أجمع، و هي نوعان: عملية
و علمية، فالعلمية مثل ما ذكرنا في رسالة أجناس العلوم و أنواعها، مما قد شرحناه
في إحدى و خمسين رسالة من رسائلنا؛ و العملية مثل ما ذكرنا في ما تقدم.
فصل في الحاجة إلى الآلات و الأدوات
و اعلم يا أخي أن من الصّنّاع من يحتاج في صنعته إلى استعمال عضو من
جسده، أو عضوين، و أداة من خارج، أو أدوات كثيرة، كالحرّاث و البنّاء و الدبّاغ و
الحائك و أمثالهم، فإن كلّ واحد منهم يحتاج إلى أدوات من خارج، و تحريك يديه و
رجليه في صناعته؛ و من الصنائع ما لا يحتاج فيها إلى أدوات من خارج، بل يكفيه عضو
من جسده، كالخطيب و الشاعر و القاضي و القارئ و من شاكلهم، فإن كل واحد منهم يكفيه
لسانه حسب، و كذلك
[1] -الخرازين: الذين صنعتهم الخرازة، و هي ثقب الخف
بالمخرز و تخييطه.
[2] -السيوريين: صانعي السيور، جمع السير الذي يقدّ من
الجلد.