و الرأفة، و دع الطبيعة لا تحرّك شهواتها
البهيمية. و قال آخر: الموسيقار إذا كان حاذقا بصنعته حرّك النفوس نحو الفضائل و
نفى عنها الرذائل. و قال آخر: انه سمع فيلسوف نغمة القينات، فقال لتلميذه: امض بنا
نحو هذا الموسيقار لعله يفيدنا صورة شريفة، فلما قرب منه سمع لحنا غير موزون و
نغمة غير طيبة، فقال لتلميذه: زعم أهل الكهانة أن صوت البوم يدلّ على موت إنسان،
فإن كان ما قالوا صدقا، فصوت هذا الموسيقار يدلّ على موت البوم. و قال آخر:
الموسيقار و إن كان ليس بحيوان فهو ناطق فصيح يخبر عن أسرار النّفوس و ضمائر
القلوب، و لكن كلّ كلامه أعجميّ يحتاج إلى التّرجمان، لأن ألفاظه بسيطة ليس لها
حروف معجمة.
و قد أنشدت أبيات بالفارسية تدلّ على تصديق قول هذا الفيلسوف، و هي
هذه:
وقت
شبگير بانك نالهء زير
خوشتر
ايد بگوشم از تكبير
زاري
زير و اين مدار شگفت
گر
ز دشت اندر آورد نخجير
تن
او تير نه زمان بزمان
بدل
اندر همي گذارد تير
گاه
گريان و گه بنالد زار
بامدادان
و روز تا شبگير
آن
زبانآورى زبانش نه
خبر
عاشقان كند تفسير
گاه
ديوانه را كند هشيار
گه
بهشيار بر نهد زنجير
و قال آخر: أصوات الموسيقار و نغماته، و ان كانت بسيطة ليس لها حروف
معجم، فإن النفوس إليها أشدّ ميلا، و لها أسرع قبولا لمشاكلة ما بينهما، و ذلك أن
النفوس أيضا جواهر بسيطة روحانيّة غير مركّبة، و نغمات الموسيقار كذلك، و الأشياء إلى
أشكالها أميل. و قال آخر: ان الموسيقار هو التّرجمان عن الموسيقى، و المعبّر عنه،
فإن كان جيّد العبارة عن المعاني، أفهم أسرار النفوس، و أخبر عن ضمائر القلوب، و
إلّا فالتقصير منه يكون.