أخي، أيّدك اللّه و إيانا، وجدت صحّة ما
قلنا، و عرفت حقيقة ما وصفنا.
فصل في ذكر المربعات
اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أن اللّه تعالى جعل
بواجب حكمته الأشياء الطبيعية التي تحت الكون و الفساد، و أسبابها و عللها
الموجبة، لكونها أكثرها مربعات، بعضها متضادّات و بعضها متشاكلات، لما فيها من
إحكام الصّنعة و إتقان الحكمة، لا يعلم أحد من خلقه كنه معرفتها إلّا هو الذي
أبدعها و اخترعها و أوجدها و ركّبها و ألّفها كما شاء كيف شاء.
و نريد أن نذكر طرفا من تلك الأشياء المربّعات المتضادّات و
المتشاكلات ليكون تنبيها لنفوس الغافلين عن النّظر فيها، و حثّا لهم على التفكر
بها و الاعتبار لها، و تسهيلا لنفوس الباحثين عن معرفة عللها، و الطالبين ما
الحكمة فيها. فمن الأمور المربّعات الظاهرات البيّنات الأزمان الأربعة التي هي
فصول السنة، و هي الربيع و الصيف و الخريف و الشتاء، و الذي يشاكل الربيع من
البروج من أول الحمل إلى آخر الجوزاء، و الذي يشاكلها من الشهر الرّبع الأول، سبعة
أيام من أول الشهر، و الذي يشاكلها من اتصالات الكواكب التربيع الأيسر، و من
الأركان الأربعة ركن الهواء، و من الطبائع الحرارة و الرطوبة، و من الجهات الجنوب،
و من الرياح التّميميّ[1]، و من
أرباع اليوم الستّ ساعات الأولى، و من أخلاط المزاج الدم، و من أرباع العمر أيام
الصّبا، و من القوى الطبيعية القوة الهاضمة، و من القوى الحيوانية القوة
المتخيّلة، و من الأفعال الظاهرة الفرح و السرور و الطرب، و من الأخلاق الجود و
الكرم و العدل، و من