responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 1  صفحه : 212

فليس إلّا الصّرام‌[1] و الحصاد و الرّمي بقشورها، و تحصيل لبّها، و يستأنف بها حكم آخر. و هذا حكم النفوس بعد مفارقة الأجسام يراد بها أمر آخر، كما ذكر اللّه تعالى: «أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ، أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ، أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ، نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ، وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى‌ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ». هكذا أيضا حكم نفوس الحيوانات بعد الذّبح يستأنف بها أمر آخر، فلا تقدّر يا أخي بأن غرض واضعي النواميس في تحليل ذبح البهائم في الهياكل عند القرابين إنما هو لأكل لحومها حسب، بل غرضهم تخليص نفوسها من دركات جهنّم عالم الكون و الفساد، و نقلها من حال النّقص إلى حال التّمام و الكمال في الصّورة الإنسانيّة التي هي أتمّ و أكمل صورة تحت فلك القمر؛ و هذه الصّورة هي آخر باب في جهنّم عالم الكون و الفساد، كما بيّنّا في رسالة حكمة الموت.

فانظر الآن يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، و تفكّر و اعلم بأن جسمك صدف و نفسك درّة ثمينة، لا تغفل عنها فإن لها قيمة عظيمة عند بارئها و خالقها، و قد بلغت آخر باب في جهنّم، فإن بادرت و تزوّدت و سعيت و خرجت من هذا الباب الذي ظاهره من قبله العذاب، و دخلت من الباب الذي باطنه فيه الرّحمة، ساجدا في صورة الملائكة، فقد أفلحت و فزت و نجوت.

و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أن صورة الملائكة هي التي توفّي نفسك عند مفارقة الجسد، كما ذكر اللّه تعالى بقوله: «قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ، ثُمَّ إِلى‌ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ». و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن ملك الموت هو قابلة الأرواح و دابة النفوس، كما أن الداية للأجسام هي قابلة الأطفال.


[1] -الصرام، بفتح الصاد و كسرها: قطع الثمرة و اجتناؤها وقت إدراكها.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست