و لتخليصها من غرق بحر الهيولى، و نجاتها من
أسر الطبيعة، فهي ما هذه معانيها:
«يا أيتها النفوس الغائصة في بحر الأجسام المدلهمّة، و يا أيتها
الأرواح الغريقة في ظلمات الأجرام ذوات الثلاثة الأبعاد، الساهية عن ذكر المعاد،
المنحرفة عن سبيل الرشاد، اذكروا عهد الميثاق إذ قال لكم الحقّ: «أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟
قلتم بَلى شَهِدْنا، أَنْ تَقُولُوا
يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ».
أو تقولوا:
انما أشرك آباؤنا الجسمانيون من قبل، و كنا ذرّية من بعدهم جرمانيّين
في دار الغرور. و ضنك القبور. اذكروا عالمكم الروحاني و داركم الحيوانيّة و محلّكم
النوراني، و تشوّقوا إلى آبائكم و أمّهاتكم و إخوانكم الروحانيّين، الذين هم في
أعلى علّيّين، الذين هم من أوساخ الأجرام مبرّءون، و عن ملابسة الأجسام الطبيعية
منزّهون. بادروا و ارحلوا من دار الفناء إلى دار البقاء قبل ان يبادر بكم إلى هناك
مكرهين مجبورين، غير مستعدين، نادمين خاسرين».
ففي مثل هذه الأوصاف و ما شاكل هذه المعاني، كانت الحكماء تلحّن مع
نغمات الموسيقى في الهياكل و بيوت العبادات. فقد تبيّن إذا بما ذكرنا طرف من غرض
الحكماء في استعمالهم الموسيقى و استخراجاتهم أصول ألحانه و تركيب نغماته. و أما
علّة تحريم الموسيقى في بعض شرائع الأنبياء، :، فهو من أجل استعمال الناس
لها على غير السبيل التي استعملها الحكماء، بل على سبيل اللهو و اللعب، و الترغيب
في شهوات لذّات الدّنيا، و الغرور بأمانيها. و الأبيات التي تنشد مشاكلة لها مثل
قول القائل:
خذوا
بنصيب من نعيم و لذّة،
فكلّ،
و ان طال المدى، يتصرّم
و قول القائل:
ما
جاءنا أحد يخبّر انه
في
جنّة مذمات، أو في نار
و اعلم بأن مثل هذه الأبيات إذا سمعها أكثر الناس ظنّوا و توهّموا
انه