قد ألّفت في هذا المعنى و وصف فيها نعيم
عالم الأرواح و لذّات أهله و سرورهم، كما يقرأ غزاة المسلمين عند النفير آيات من
القرآن أنزلت في هذا المعنى لترقّق القلوب، و تشوّق النفوس إلى عالم الأرواح و
نعيم الجنان، مثل قوله تعالى:
«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ
أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ
وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ
الْقُرْآنِ، وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ، فَاسْتَبْشِرُوا
بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ» و أخوات هذه الآيات
من القرآن؛ و كما ينشد غزاة المسلمين عند اللقاء أيضا أو الحملة على الهيجاء ما
قيل من أبيات الشعر في وصف الحور العين و نعيم الجنان مما يشوّق النّفوس إلى هناك،
أو يشجّع على الإقدام، بالعربية و الفارسية، نحو قول الشاعر:
فأما الأشعار التي كان الحكماء الالهيّون يلحّنونها عند استعمالهم
الموسيقى في الهياكل و بيوت العبادات، لترقيق القلوب القاسية، و تنبيه النفوس
الساهية من نومة الغفلة، و الأرواح اللاهية في رقدة الجهالة، و لتشويقها إلى
عالمها الروحاني و محلّها النوراني، و دارها الحيوانية[2]،
و لإخراجها من عالم الكون و الفساد،
[2] -الحيوانية: نسبة الى الحيوان، اي الحياة، و
الحيوان ابلغ من الحياة، لما في بناء فعلان من الحركة و الاضطراب اللازم للحياة،
كما ذكر في الكلية، و لذلك يستعمل الحيوان للحياة في الجنة، و تستعمل الحياة في
الدنيا.