و هذا التقدم البشري في ميادين الحياة مدينة
للحضارة الإسلامية التي و مع الأسف انهارت، و تلاشت بسبب تصرفات بعض الحكام و
رغباتهم الدنيوية، و سوء أعمالهم و إنحرافهم عن سيرة النبي الأكرم محمد 6 و أهل
بيت العصمة :.
و يبرز دور الإسلام أيضا بشكل دقيق في اهتمامه بإيجاد عناصر التربية
التي تتكفّل ببناء الشخصية المثالية للفرد و الإنسان المسلم التي تميّزه عن غيره
من بني البشر.
و قد استطاع الإسلام بفضل هذه التعاليم الأخلاقية و الروحية أن يحدث
تغييرا جذريا و هاما و على سبيل المثال في حياة الجاهليين، و هذا ما نراه واضحا
فيما وصفه جعفر بن أبي طالب زعيم المسلمين المهاجرين لملك الحبشة حيث أوضح له
الفارق الكبير بين ما كان يحكم حياتهم في الجاهلية من قوانين، و بين ما جاء به
رسول الإنسانية الصادق الأمين محمد 6 الذي أنقذهم و هداهم إلى مكارم الأخلاق، و
جاءهم بالنظام الإلهي العادل و حررهم من الجهل و الضلال، و صنع منهم أمة تفوق جميع
الأمم بأخلاقها و آدابها و علومها و معارفها و مما قاله جعفر.
«أيّها الملك: كنّا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، و نأكل الميتة، و
نأتي الفواحش، و نقطع الأرحام، و نسيء الجوار، و يأكل القويّ منّا الضعيف، فكنّا
على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منّا، نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه فدعانا
إلى الله لنوحّده و نعبده و نخلع ما كنّا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و
الأوثان و أمرنا بصدق الحديث، و أداء الأمانة، وصلة الرحم و حسن الجوار، و الكفّ
عن المحارم و الدماء، و نهانا عن الفواحش، و قول الزّور، و أكل مال اليتيم، و قذف
المحصنات، و أمرنا أن نعبد الله وحده، و لا نشرك به شيئا، و أمرنا بالصلاة و
الزكاة و الصوم .... فصدّقناه و آمنّا به و اتبعناه على ما جاء به من اللّه،
فعبدنا اللّه وحده، فلم نشرك به شيئا، و حرّمنا ما حرّم علينا و حللّنا ما أحلّ
لنا ...»[1]
و نحن من خلال إلقاء نظرة على الآثار و النصوص و الأحاديث الواردة عن
النبي