نام کتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه نویسنده : عين القضاة جلد : 1 صفحه : 51
و قال: (كلّ ما دنا من النّفس فقبلها فهو
دنيا).
أقول: هذا أيضا موافق لما تقدّم، إلّا أنّه زاد فيه قيدا، و هو قبول
ما دنا من النفس إيّاها؛ إذ ليس كلّ ما دنا من النفس دنيا، فإنّ اللّه تعالى يدنو
من النفس و ليس بالدنيا؛ إذ هو لا يقبلها بل يحبّها، و الدنيا تقبل من يدنو منها.
و قال: (الدّنيا رهن الآخرة، و الآخرة رهن الحقيقة).
أقول: الرهن بمعنى المرهون، و هو عين يوثق بها دين، و اللّه تعالى اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ
بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التّوبة: الآية 111]،
فالجنّة دين على اللّه في ذمّته للمؤمنين، و الأموال و الأنفس التي اشتراها منهم
عين الدنيا، و هي المرهونة عندهم، لا تنفكّ إلّا عند أداء الدّين، و هو الجنّة،
فالدنيا رهن الآخرة، و كذلك الآخرة رهن الحقيقة بالنسبة إلى العارفين؛ فإنّهم لا
يرضون إلّا بالحقيقة التي هي حقّهم الثابت في ذمّة اللّه سبحانه، و الجنّة رهن عندهم
يتسلّون به؛ كما قال: (الجنّة تسلّي العارفين).
فإذا جاء ميقات اللّقاء، و انكشف الأمر عن ساقه، ينفك هذا الرهن،
فيشغلون باللّه عزّ و جلّ، و تلهيهم مشاهدة الحقّ عن مطالعة نعيم الجنّة، و قال
أبو يزيد- قدّس اللّه روحه-: «للّه عباد يستغيثون من الجنّة، كما يستغيث أهل النار
من النار».
و قال: (الخلق أضلّتهم ظلمة الدّنيا، و ظلمة النّفوس، فذهاب ظلمة
الدّنيا بالعلم، و ذهاب ظلمة النّفوس بالوجد).
أقول: أضلّه عن السبيل جعله ضالّا عنه، و من المضلّات وجود الظلمة، و
الحقيقة صراط أضلّ الناس عنه ظلمتان:
1- ظلمة الدّنيا.
2- و ظلمة النفوس.
فظلمة الدنيا- و هي شهواتها و زينتها- تذهب بنور العلم، فإنّها
معدومة الأصل من حرفة الزينة. و أمّا ظلمة النفوس- و هي أهواؤها و حظوظها- فلا
نام کتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه نویسنده : عين القضاة جلد : 1 صفحه : 51