نام کتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه نویسنده : عين القضاة جلد : 1 صفحه : 50
الكشف نعيما عن النعيم، فيقول: أين النعيم
الذي حسبته؟ فتدركه الحسرة و الندامة، كما قال تعالى:
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)
[التكاثر: الآية 8].
فأصل الدنيا زينتها عوارض الأنوار، و هذه العوارض تدني المفتون بها
إلى أصلها، الذي هو النار، و الأصل يدنيه إلى الهلاك، كما أنّ نور الشمعة يدني
الفراش إلى جرم النار فتهلكه النار، فكذلك يكون الناس يوم القيامة كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ
[القارعة: الآية 4]؛ فإنّ كلّا منهم يبعث في الآخرة على صورة تناسب صفته في الدنيا.
و قال: (كلّ ما دنا منك فأشغلك عن الحقّ فهو دنياك).
أقول: حكم على كلّ ما دنا من العبد من الشهوات بأنّه حقيقة الدنيا، و
لكنّه قيّده بكونه شاغلا عن الحقّ، فدلّ بمفهومه على أنّه إذا لم يكن شاغلا لأحد
عن الحقّ، لم يكن بالنسبة إليه دنيا، فكيف لا، و أهل اللّه و خاصّته كائنون في
الدنيا بالصور و القوالب، بائنون عنها بالمعاني و القلوب؛ لأنّهم فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) [القمر: الآية 55]؟
و قال: (قبول الحقّ بمشاهدة النفسّ دنيا، و ردّ الحقيقة بغيبوبة
النّفس آخرة).
أقول: حاصل هذا الكلام أنّ الدنيا ما ترى النفس فيه حظّها أيّا ما
كان، فقبول الحقّ مع مشاهدة النفس حظّها فيه دنيا، و ردّ الحقيقة مع غيبة النفس عن
حظّها في ذلك آخرة؛ و ذلك لأنّه قد يقبل شخص حقيقة التوحيد و يدركها، فتسترق
[النفس] الغير المطمئنة السمع في ذلك، و تشاهد حظّها فيه من قبول الخلق و الجاه
عندهم، كعارف بقى عليه شيء من صفات النفس، فقبوله هنا عين الدنيا؛ لأنّه يقبلها
لحظّ النفس، و قد ردّها شخص آخر لغيبوبة النفس عن حظّها؛ كزاهد ليس له أن يدرك
حقيقة التوحيد، فلا يقبلها بل يردّها، فردّه هذا عين الآخرة؛ لأنّه يردّها للّه
تبارك و تعالى، لا لنفسه.
و قال: (الدّنيا وجود قرب النّفس).
أقول: معناه قريب ممّا سبق، و هو أنّ كلّ ما وجد قرب النفس منه، فطلب
الحظّ فيه، فهو دنيا.
نام کتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه نویسنده : عين القضاة جلد : 1 صفحه : 50