responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 93

فإنه أمر رباني و ميلة إلى مقتضيات الشهوات غريب من ذاته و عارض على طبعه و إنما غذاء القلب الحكمة و المعرفة و حب الله تعالى و لكن انصرف عن مقتضى طبعه بمرض حل به كما يحل المرض بالمعدة فلا يشتهي الطعام و الشراب و هما سبب حياته فكل قلب مائل إلى حب شي‌ء سوى حب الله سبحانه و تعالى فلا ينفك عن مرض بقدر ميله إلا إذا أحب ذلك الشي‌ء لكونه معينا على حب الله و دينه فعند ذلك لا يدل على المرض. فإذا عرفت هذا قطعا إن هذه الأخلاق الجميلة يمكن اكتسابها بالعادة و الرياضة و هي تكلف الأفعال الصادرة عنها ابتداء لتصير طبعا له انتهاء. مثال ذلك من أراد أن يصير حاذقا في الكتابة حتى يصير كاتبا بالطبع فلا طريق له إلا أن يتعاطى بجارحة اليد ما يتعاطاه الكاتب الحاذق و يواظب عليه مدة طويلة و هو الخط الحسن فإن فعل الكاتب هو الخط الحسن فيشبه بالكاتب تكلفا ثم لا يزال يواظب عليه حتى يصير ذلك صفة راسخة في نفسه فيصدر منه الخط الحسن بالطبع و كذلك من أراد أن يصير فقيها فلا طريق له إلا أن يتعاطى أفعال الفقهاء و هي التكرار للفقه حتى ينعطف منه على قلبه صنعة الفقه فيصير فقيها و كذلك من أراد أن يصير سخيا عفيفا حليما متواضعا فيلزمه أن يتعاطى أفعال هؤلاء تكلفا حتى يصير له ذلك بالعادة طبعا و كما أن طالب الفقه لا ييأس من هذه الرتبة بتعطيل ليله و لا ينالها بتكرار ليله و كذلك طالب تزكية النفس و تحليتها بالأخلاق الحسنة لا ينالها بعبادة يوم و لا يحرمها بعصيان يوم و هو معنى قولنا إن الكبيرة الواحدة لا توجب الشقاوة المؤبدة و لكن العطلة في يوم واحد تدعو إلى مثلها ثم يتداعى قليلا قليلا ثم تأنس النفس بالكسل و تهجر التحصيل رأسا فيفوته فضيلة الفقه و كذلك صغائر المعاصي تجر بعضها إلى بعض و كم من فقيه يستهين بتعطيل يوم و ليلة و هكذا على التوالي إما أن يختطفه الموت و هو يسوف نفسه يوما بعد يوم إلى أن يخرج طبعه عن قبول الفقه و كذلك من يستهين بصغائر المعاصي و يسوف نفسه بالتوبة على التوالي إما أن يختطفه الموت بغتة أو يتراكم ظلمة الذنوب على قلبه و يتعذر عليه‌

نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست