بَعْضُهُمْ‌ لَأَنْ أَبْكِيَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعِي عَلَى وَجْنَتِي‌[1] أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ.

بَعْضُهُمْ قَالَ‌ إِنَّ الشَّمْسَ لَتَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا فَلَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَ اللَّهِ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَ الْبُكَاءُ وَ الدُّعَاءُ.

الْحَسَنُ تَكَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ حَتَّى أَبْكَى مَنْ عِنْدَهُ فَقَالَ أَ عَجِيجٌ كَعَجِيجِ النِّسَاءِ وَ لَا عَزْمَ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ ع‌ جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ‌.

بَعْضُهُمْ‌ بَكَى حَتَّى كَادَ بَصَرُهُ يَذْهَبُ فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ أُعَالِجُكَ عَلَى أَنْ لَا تَبْكِيَ فَقَالَ مَا خَيْرُهُمَا إِذَا لَمْ تَبْكِيَا.

بَعْضُهُمْ‌ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ قَدْرَ رَحْمَتِهِ وَ عَفْوِهِ قَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ وَ لَوْ عَلِمُوا قَدْرَ عُقُوبَتِهِ وَ بَأْسِهِ مَا رَقَأَ لَهُمْ دَمْعٌ.[2]

بَعْضُهُمْ‌ كَانَ يَبْكِي عَامَّةَ لَيْلِهِ وَ نَهَارِهِ حَتَّى سَقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ لَوْ خُلِقَتِ النَّارُ لِأَجْلِكَ مَا زِدْتَ عَلَى مَا تَصْنَعُ فَقَالَ وَ هَلْ خُلِقَتِ النَّارُ إِلَّا لِي وَ لِأَمْثَالِي.

أَعْقَلُ النَّاسِ مُحْسِنٌ خَائِفٌ وَ أَجْهَلُهُمْ مُسِي‌ءٌ آمِنٌ.

بَعْضُهُمْ‌ لَيْسَ الْخَائِفُ الَّذِي يَبْكِي وَ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ إِنَّمَا الْخَائِفُ الَّذِي يَتْرُكُ مَا يَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ‌

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‌ اطْرُدُوا وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْيَقِينِ‌

النَّبِيُّ ص‌ مَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا عَبْدٍ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ فَإِنْ فَاضَتْ عَلَى خَدِّهِ لَمْ يَرْهَقْ‌ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ وَ مَا مِنْ عَمَلٍ إِلَّا وَ لَهُ وَزْنٌ وَ ثَوَابٌ إِلَّا الدَّمْعَةُ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ بُحُوراً مِنَ النَّارِ

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‌ ضَعْ فَخْرَكَ وَ احْطُطْ كِبْرَكَ وَ اذْكُرْ قَبْرَكَ‌

سَمِعَ الْفَرَزْدَقُ أَبَا بُرْدَةَ يَقُولُ كَيْفَ لَا أَفْتَخِرُ وَ أَنَا ابْنُ أَحَدِ الْحَكَمَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَائِقٌ وَ الْآخَرُ فَاسِقٌ فَكُنْ ابْنَ أَيِّهِمَا شِئْتَ‌[3].

[1] الوجنة من الإنسان ما ارتفع من لحم خده.

[2] رقأ الدمع مهموزا من باب نفع: انقطع بعد جريانه.

[3] المائق: الاحمق.