كَفَى بِالْمَرْءِ ذَمّاً لِنَفْسِهِ أَنْ
يَظْهَرَ بِهَا عَلَى رُءُوسِ الْمَلَإِ
. قِيلَ لِبُوذَرْجُمِهْرَ هَلْ تَعْرِفُ نِعْمَةً لَا يُحْسَدُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا قَالَ نَعَمْ التَّوَاضُعُ قِيلَ فَهَلْ تَعْرِفُ بَلَاءً لَا يُرْحَمُ صَاحِبُهُ قَالَ نَعَمْ الْعُجْبُ.
كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَ قَدَرٍ إِلَّا الْمَعَاصِيَ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع فِي وَصْفِ الدُّنْيَا مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَ آخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِي حَرَامِهَا عِقَابٌ مَنْ صَحَّ فِيهَا أَمِنَ وَ مَنْ مَرِضَ فِيهَا نَدِمَ وَ مَنِ اسْتَغْنَى فُتِنَ وَ مَنِ افْتَقَرَ حَزِنَ
وَ قَوْلُهُ ع فِيهَا أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا وَ الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَى اسْتَذَمَّتْ إِلَيْكَ بَلْ مَتَى غَرَّتْكَ بِمَضَاجِعِ آبَائِكَ مِنَ الثَّرَى أَمْ بِمَنَازِلِ أُمَّهَاتِكَ مِنَ الْبِلَى كَمْ مَرَّضْتَ[1] بِكَفَّيْكَ وَ كَمْ عَالَجْتَ بِيَدَيْكَ تَبْتَغِي لَهُمُ الشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِمُ الدُّنْيَا نَفْسَكَ وَ بِمَصْرَعِهِمْ مَصْرَعَكَ
كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ جَمْعاً جَمْعاً شَرْطاً شَرْطاً جَمْعاً فِي وِعَاءٍ وَ شَدّاً فِي وِكَاءً[2] وَ رُكُوبَ الذَّلُولِ وَ لُبْسَ اللَّيِّنِ حَتَّى قِيلَ مَاتَ وَ أَفْضَى وَ اللَّهِ إِلَى الْآخِرَةِ فَطَالَ حِسَابُهُ. وَ كَانَ يَقُولُ مِسْكِينٌ ابْنُ آدَمَ مَكْتُومَ الْأَجَلِ مَكْنُونَ الْعِلَلِ أَسِيرَ جُوعٍ وَ صَرِيعَ شِبَعٍ إِنَّ مَنْ تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ وَ تَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ[3] لَبَاذِي الضَّعْفِ فَرِيسَةُ الْحَتْفِ. وَ كَانَ يَقُولُ مَا أَطَالَ أَحَدٌ الْأَمَلَ إِلَّا أَسَاءَ الْعَمَلَ. وَ كَانَ يَقُولُ إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يُنَافِسُكَ[4] فِي الدُّنْيَا فَنَافِسْهُ فِي الْآخِرَةِ. وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ مَا حَالُكَ فَقَالَ بِأَشَدِّ حَالٍ وَ مَا حَالُ مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَى وَ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ وَ لَا يَدْرِي مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِهِ.
لَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى الْعِرَاقِ نَزَلَ وَاسِطاً فَبَعَثَ إِلَى الشَّعْبِيِّ وَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذَ مِيثَاقَهُ عَلَيْنَا وَ أَعْطَيْنَاهُ عُهُودَنَا بِالسَّمْعِ وَ
[1] التعريض: القيام على المريض في مرضه.
[2] الوكاء: رباط القربة و غيرها.
[3] البقة واحدة البق و هي حيوان عدسى مفرطح أحمر الجثة أسود الرأس خبيث الرائحة لذاع. و الشرقة: المرة و الغصة و شرق بريقه: غص.
[4] نافسه في كذا: حاسده و باراه.