كُدُوحُ الصَّدَقَةِ[1]
دَخَلَ النَّجَّارُ الْعَدَوِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي عَبَاءَةٍ فَاقْتَحَمَتْهُ[2] عَيْنُهُ فَقَالَ لَيْسَتِ الْعَبَاءَةُ تُكَلِّمُكَ إِنَّمَا تُكَلِّمُكَ مَنْ فِيهَا ثُمَّ تَكَلَّمَ فَمَلَأَ سَمْعَهُ وَ نَهَضَ وَ لَمْ يَسْأَلْهُ حَاجَةً فَقَالَ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَحْقَرَ أَوَّلًا وَ لَا أَجَلَّ آخِراً مِنْهُ.
سَأَلَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ إِلَى أَبِي عَبَّادٍ حَاجَةً فِي نَكْبَتِهِ فَأُرْتِجَ[3] عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَ بِهَذَا اللِّسَانِ دَبَّرْتَ خَلِيفَتَيْنِ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّادٍ إِنَّا اعْتَدْنَا أَنْ نُسْأَلَ وَ لَمْ نَعْتَدْ أَنْ نَسْأَلَ
عَنِ النَّبِيِّ ص مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطْنٍ فَحَسْبُ الرَّجُلِ مِنْ طَعْمِهِ مَا أَقَامَ بِهِ صُلْبَهُ أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ، ابْنَ آدَمَ فَثُلُثٌ طَعَامٌ وَ ثُلُثٌ شَرَابٌ وَ ثُلُثٌ نَفَسٌ
وَ عَنْهُ ع مَنْ قَلَّ طَعْمُهُ صَحَّ بَطْنُهُ وَ صَفَا قَلْبُهُ وَ مَنْ كَثُرَ طَعْمُهُ سَقُمَ بَطْنُهُ وَ قَسَا قَلْبُهُ
وَ عَنْهُ ع لَا تُمِيتُوا الْقُلُوبَ بِكَثْرَةِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَإِنَّ الْقَلْبَ يَمُوتُ كَالزَّرْعِ إِذَا كَثُرَ عَلَيْهِ الْمَاءُ
عَوْفُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَكَلْتُ يَوْماً ثَرِيداً وَ لَحْماً سَمِيناً ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ أَنَا أَتَجَشَّأُ فَقَالَ احْبِسْ جُشَاكَ يَا أَبَا جُحَيْفَةَ إِنَّ أَكْثَرَكُمْ شِبَعاً فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُكُمْ جُوعاً فِي الْآخِرَةِ قَالَ فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ رُوحَهُ
أَكَلَ عَلِيٌّ ع تَمْرَ دَقَلٍ[4] وَ شَرِبَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَ ضَرَبَ عَلَى بَطْنِهِ وَ قَالَ مَنْ أَدْخَلَ بَطْنَهُ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ
بَعْضُهُمْ لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَاماً مَا كَانَ يَأْكُلُ أَحَدُهُمْ إِلَّا فِي نَاحِيَةِ بَطْنِهِ مَا شَبِعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ طَعَامٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا كَانَ يَأْكُلُ فَإِذَا قَارَبَ شِبَعُهُ أَمْسَكَ
[1] الكدح: الخدش جمع كدوح.
[2] اقتحمته اي خذلته.
[3] بصيغة المجهول أي لم يقدر عليه.
[4] الدقل محركة: أردأ التمر.