قَبِيصَةُ بْنُ ذُوَيْبٍ‌ كُنَّا نَسْمَعُ نِدَاءَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ فِي مَرَضِهِ يَا أَهْلَ النِّعَمِ لَا تَسْتَقِلُّوا شَيْئاً مِنَ النِّعَمِ مَعَ الْعَافِيَةِ. وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَمَرَ فَصُعِدَ بِهِ إِلَى أَرْفَعِ سَطْحٍ فِي دَارِهِ فَقَالَ يَا دُنْيَا مَا أَطْيَبَ رِيحَكِ يَا أَهْلَ الْعَافِيَةِ لَا تَسْتَقِلُّوا شَيْئاً مِنْهَا إِذَا كَانَ السِّرْبُ‌[1] آمِناً [وَ] لَمْ يَكُنِ الشِّرْبُ آجِناً.[2]

وَ قِيلَ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ تَحَرَّكْتَ فَتُذْكَرَ كَمَا ذُكِرَ غَيْرُكَ. قَالَ لَمَّا رَأَيْتُ مَعَالِيَ الْأُمُورِ مَشْفُوعَةً بِالْمَتَالِفِ‌[3] اقْتَصَرْتُ عَلَى الْخُمُولِ ضَنّاً[4] مِنِّي بِالْعَافِيَةِ

قَالَ النَّبِيُّ ص‌ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ مِنْ غَيْرِ فَاقَةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ عِيَالٍ يُطِيقُهُمْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَاباً مِنْ فَاقَةٍ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ‌

ثَوْبَانُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌ مَنْ يَتَقَبَّلْ لِي وَاحِدَةً أَتَقَبَّلْ لَهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ إِنَّا لَا نَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئاً فَكَانَ ثَوْبَانُ إِذَا سَقَطَ سَوْطُهُ لَمْ يَأْمُرْ أَحَداً أَنْ يُنَاوِلَهُ وَ يَنْزِلُ هُوَ فَيَأْخُذُهُ‌

أَصَابَتْ أَنْصَارِيّاً حَاجَةٌ فَأَخْبَرَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ ائْتِنِي بِمَا فِي مَنْزِلِكَ وَ لَا تُحَقِّرْ شَيْئاً فَأَتَاهُ بِحِلْسٍ‌[5] وَ قَدَحٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ يَشْتَرِيهِمَا فَقَالَ رَجُلٌ هُمَا عَلَيَّ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ مَنْ يَزِيدُ فَقَالَ رَجُلٌ هُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَقَالَ هُمَا لَكَ ابْتَعْ بِأَحَدِهِمَا طَعَاماً لِأَهْلِكَ وَ ابْتَعْ بِالْآخَرِ فَأْساً فَأَتَاهُ بِفَأْسٍ فَقَالَ ع مَنْ عِنْدَهُ نِصَابٌ‌[6] لِهَذَا الْفَأْسِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ عِنْدِي فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَثْبَتَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ اذْهَبْ وَ احْتَطِبْ وَ لَا تُحَقِّرَنَّ شَوْكاً وَ لَا رَطْباً وَ لَا يَابِساً فَفَعَلَ ذَلِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَتَاهُ وَ قَدْ حَسُنَتْ حَالُهُ فَقَالَ ع هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَجِي‌ءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ فِي وَجْهِكَ‌

[1] السرب بالكسر النفس.

[2] اجن الماء من باب ضرب تغير لونه و طعمه فهو آجن كضارب.

[3] المتالف المهالك.

[4] الضن: البخل.

[5] الحلس: ما يوضع على ظهر الدابّة تحت السرج. و القدح: إناء يشرب فيه.

[6] ككتاب: مقبض السكين.