دَعَوْتُكُمْ لَا تُجِيبُونَ ثُمَّ يَقُولُ حِيلَ وَ اللَّهِ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْجَوَابِ وَ كَأَنِّي أَكُونُ مِثْلَهُمْ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ أَيُّهَا الْمَقْبُورُ فِي قَبْرِهِ وَ الْمُتَخَلِّي فِي الْقَبْرِ بِوَحْدَتِهِ وَ الْمُسْتَأْنِسُ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ بِأَعْمَالِهِ لَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ أَعْمَالِكَ اسْتَبْشَرْتَ وَ بِأَيِّ إِخْوَانِكَ اغْتَبَطْتَ ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ عِمَامَتَهُ ثُمَّ يَقُولُ اسْتَبْشَرَ وَ اللَّهِ بِأَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ وَ اغْتَبَطَ وَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِ الْمُتَعَاوِنِينَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَ كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى الْقُبُورِ خَارَ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ.[1]
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ مَنْ مَرَّ بِالْقُبُورِ وَ لَمْ يَتَفَكَّرْ لِنَفْسِهِ وَ لَمْ يَدْعُ لَهُمْ فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ وَ خَانَهُمْ.
وَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ يَا أُمَّاهْ لَيْتَكِ كُنْتِ عَقِيماً إِنَّ لِابْنِكِ فِي الْقَبْرِ حَبْساً طَوِيلًا وَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكِ مِنْهُ رَحِيلًا.
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ يَا ابْنَ آدَمَ دَعَاكَ رَبُّكَ إِلَى دَارِ السَّلَامِ فَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ تُجِيبُهُ إِنْ أَجَبْتَهُ مِنْ دُنْيَاكَ وَ اشْتَغَلْتَ بِالرِّحْلَةِ إِلَيْهِ دَخَلْتَهَا وَ إِنْ أَجَبْتَهُ مِنْ قَبْرِكَ مَنَعْتَهَا.
وَ كَانَ بَعْضُهُمْ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْقُبُورِ يَقُولُ مَا أَحْسَنَ ظَوَاهِرَكَ إِنَّمَا الدَّوَاهِي فِي بَوَاطِنِكَ.
وَ كَانَ آخَرُ إِذَا جَنَّ اللَّيْلُ عَلَيْهِ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ مِتُّمْ فَيَا مَوْتَاهْ وَ عَايَنْتُمْ أَعْمَالَكُمْ فَوَا عَمَلَاهْ.
وَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْقَبْرِ وَجَدَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ وَجَدَهُ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ.
وَ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ حَفَرَ فِي دَارِهِ قَبْراً وَ كَانَ إِذَا وَجَدَ فِي قَلْبِهِ قَسَاوَةً دَخَلَ فِيهِ فَاضْطَجَعَ وَ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ يُرَدِّدُهَا ثُمَّ يُرَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ يَا فُلَانُ قَدْ رَجَعْتُكَ فَاعْمَلْ.
وَ قَالَ آخَرُ تَعْجَبُ الْأَرْضُ مِنْ رَجُلٍ يُمَهِّدُ مَضْجَعَهُ وَ يُسَوِّي فِرَاشَهُ لِلنَّوْمِ فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَ مَا تَذْكُرُ طُولَ بَلَائِكَ وَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ شَيْءٌ.
وَ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَخْرُجُ إِلَى الْمَقْبَرَةِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى الْقُبُورِ بَكَى ثُمَّ يَقُولُ
[1] خار البقر خوارا من باب نصر: صاح.