.
فهذه الأبيات كتبت على القبور لتقصير سكانها عن الاعتبار قبل الموت و البصير هو
الذي ينظر إلى قبر غيره فيرى مكانه بين أظهرهم و يعلم أنه لاحق بهم لا محالة و
ليتحقق أنه لو عرض عليهم يوما واحدا من أيام عمره الذي هو مضيع له لكان ذلك اليوم
أحب إليهم من الدنيا بحذافيرها لأنهم عرفوا قدر الأعمال و انكشف لهم حقائق الأمور
فإنما حسرتهم يوم واحد من العمر ليتدارك المقصر له بتقصيره فيتخلص من العقاب و
ليستزيد الموفق به رتبته فيضاعف[2] له الثواب
فإنهم إنما عرفوا قدر العمر بعد انقطاعه فحسرتهم في ساعة من الحياة و أنت قادر على
تلك الساعة و لعلك تقدر على أمثالها و أنت مضيع لها فوطن نفسك على التحسر على
تضييعها عند خروج الأمر من الاختيار