و ينبغي لمن شاهد جنازة
أن لا يحدث نفسه بشيء سوى ما هو مفعول به و ما هو صائر إليه و نحن لا ننظر الآن
إلى جماعة يحضرون الجنائز إلا و أكثرهم يضحكون و يلهون و لا يتكلمون إلا في ميراثه
و ما خلف لورثته و لا يتفكر أقرانه و أقاربه إلا في الحيلة التي بها يتناول بعض ما
خلفه و لا يتفكر واحد منهم إلا ما شاء الله تعالى في جنازة نفسه و في حاله إذا صار
إليها و لا سبب لهذه العلة[2] إلا قسوة
القلب بكثرة المعاصي و الذنوب حتى نسينا الله و اليوم الآخر و الأهوال التي بين
أيدينا قصرنا نلهو و نغفل و نشتغل بما لا يعنينا فنسأل الله تعالى اليقظة من هذه
الغفلة فإن أحسن أحوال الحاضرين على الجنائز بكاؤهم على الميت و لو عقلوا لبكوا
على أنفسهم لا على الميت كما قال بعض العلماء