نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 278
و لا علاج في تقرير الموت في القلب مثل النظر إلى من مات من
الأقران و الأشكال و أنهم كيف جاءهم الموت في وقت لم يحتسبوا أما من كان مستعدا فَقَدْ فازَ
فَوْزاً عَظِيماً و أما من كان مغرورا بطول الأمل فَقَدْ خَسِرَ
خُسْراناً مُبِيناً. و لينظر الإنسان كل ساعة في أطرافه و أعضائه و ليتدبر في
أنها كيف تتفتت عظامها و ليتفكر في أن الدود يبدأ بحدقته اليمنى أولا و باليسرى
ثانيا فما على بدنه شيء إلا و هو طعمة للدود و ما له من نفسه إلا العلم و العمل
الخالص لوجه الله تعالى و كذلك يتفكر في عذاب القبر و سؤال منكر و نكير و في الحشر
و النشر و أهوال القيامة و فزع النداء يوم العرض الأكبر فأمثال هذه الأفكار هي
التي تجدد ذكر الموت على قلبه و تدعوه إلى الاستعداد له
بيان مراتب الناس في
طول الأمل و قصره
اعلم أن الخلق في ذلك
يتفاوتون فمنهم من يأمل البقاء و يشتهي ذلك أبدا قال الله تعالى يَوَدُّ
أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ[1] و منهم من يأمل البقاء
إلى الهرم و هو أقصى العمر الذي شاهده و رآه و هو الذي يحب الدنيا حبا شديدا.
و منهم من يأمل إلى سنة
فلا يشتغل بتدبير ما وراءه و لا يقدر لنفسه وجودا في عام قابل و لكن هذا يستعد في
الصيف للشتاء و في الشتاء للصيف فإذا جمع ما يكفيه لسنته اشتغل بالعبادة و منهم من
يرجع أمله إلى يوم و ليلة فلا يستعد إلا لنهاره و أما الغد فلا.