نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 276
بيان السبب في طول الأمل و علاجه
اعلم أن طول الأمل له
سببان أحدهما الجهل و الآخر حب الدنيا أما حب الدنيا فهو أنه إذا أنس بها و
بشهواتها و لذاتها و علائقها ثقل على قلبه مفارقتها فامتنع قلبه عن الفكر في الموت
الذي هو سبب مفارقتها و كل من كره شيئا دفعه عن نفسه و الإنسان بالأماني الباطلة
فيتمنى الإنسان أبدا بما يوافق مراده و إنما يوافق مراده البقاء في الدنيا فلا
يزال يتوهمه و يقدره في نفسه و يقدر توابع البقاء و ما يحتاج إليه من مال و أهل و
دار و أصدقاء و دواب و سائر أسباب الدنيا فيصير قلبه عاكفا على هذا الفكر موقوفا
عليه فيلهو عن ذكر الموت و لا يقدر قلبه قربه فإن خطر له في بعض الأحوال أمر الموت
و الحاجة إلى الاستعداد له سوف و وعد نفسه و قال الأيام بين يديك إلى أن تكبر ثم
تتوب فإذا كبر فيقول إلى أن تصير شيخا فإذا صار شيخا قال إلى أن تفرغ من بناء هذه
الدار و عمارة هذه الضيعة و ترجع من هذه السفرة أو تفرغ من تدبير هذا الولد و
جهازه و تدبير مسكن له و تفرغ من قهر هذا العدو الذي يشمت بك فلا يزال يسوف و يؤخر
و لا يخوض في شغل إلا و يتعلق بإتمام ذلك الشغل عشرة أشغال أخر و هكذا على التدريج
يؤخر يوما بعد يوم و يفضي به شغل إلى شغل بل إلى أشغال إلى أن تختطفه المنية في
وقت لا يحتسبه فيطول عند ذلك حزنه و أكثر أهل النار صياحهم من سوف يقولون وا حزناه
من سوف و المسوف المسكين لا يدري أن الذي يدعوه إلى التسويف اليوم هو معه غدا و
إنما يزداد بطول المدة قوة و رسوخا و يظن أنه يتصور أن يكون للخائض في الدنيا و
الحافظ لها فراغ قط هيهات ما فرغ منها إلا من اطرحها شعر