قَصِّرُوا مِنَ الْأَمَلِ وَ ثَبِّتُوا آجَالَكُمْ بَيْنَ أَبْصَارِكُمْ وَ اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ
وَ كَانَ ص يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ دُنْيَا تَمْنَعُ خَيْرَ الْآخِرَةِ وَ مِنْ حَيَاةٍ تَمْنَعُ خَيْرَ الْمَمَاتِ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَمَلٍ يَمْنَعُ خَيْرَ الْعَمَلِ
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ عَلِمْتُ مَتَى أَجَلِي لَخَشِيتُ عَلَى ذَهَابِ عَقْلِي وَ لَكِنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِالْغَفْلَةِ عَنِ الْمَوْتِ وَ لَوْ لَا الْغَفْلَةُ مَا تَهَنَّئُوا بِعَيْشٍ وَ لَا قَامَتْ بَيْنَهُمُ الْأَسْوَاقُ
" وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثٌ أَعْجَبَتْنِي حَتَّى أَضْحَكَتْنِي مُؤَمِّلُ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ وَ غَافِلٌ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ وَ ضَاحِكٌ مِلْءَ فِيهِ لَا يَدْرِي أَ سَاخِطٌ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَلَيْهِ أَمْ رَاضٍ عَنْهُ وَ ثَلَاثٌ أَحْزَنَتْنِي حَتَّى أَبْكَتْنِي فِرَاقُ مُحَمَّدٍ وَ حُزْنُهُ وَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الْأَمَلِ لَيْسَ بِأَكْلِ الْغَلِيظِ وَ لَا لُبْسِ الْعَبَاءِ
وَ قَالَ الْحَسَنُ الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيكُمْ وَ الدُّنْيَا تُطْوَى مِنْ وَرَائِكُمْ.
وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خُطْبَةٍ لَهُ إِنَّ لِكُلِّ سَفَرٍ زَاداً لَا مَحَالَةَ فَتَزَوَّدُوا لِسَفَرِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ التَّقْوَى وَ كُونُوا كَمَنْ عَايَنَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ ثَوَابِهِ وَ عِقَابِهِ تَرَغَّبُوا وَ تَرَهَّبُوا وَ لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ وَ تَنْقَادُوا لِعَدُوِّكُمْ فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ مَا بُسِطَ أَمَلُ مَنْ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ لَا يُصْبِحُ بَعْدَ مَسَائِهِ وَ لَا يُمْسِي بَعْدَ صَبَاحِهِ وَ رُبَّمَا كَانَتْ بَيْنَ ذَلِكَ خَطَفَاتُ الْمَنَايَا وَ كَمْ رَأَيْتُ وَ رَأَيْتُمْ مَنْ كَانَ بِالدُّنْيَا مُغْتَرّاً فَأَهْلَكَتْهُ وَ إِنَّمَا تَقَرُّ عَيْنُ مَنْ وَثِقَ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ إِنَّمَا يَفْرَحُ مَنْ أَمِنَ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَ كَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَخٍ لَهُ إِنَّ الْحُزْنَ عَلَى الدُّنْيَا طَوِيلٌ وَ الْمَوْتَ مِنَ الْإِنْسَانِ قَرِيبٌ وَ لِلنَّقْصِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ نَصِيبٌ وَ لِلْبِلَى فِي جِسْمِهِ دَبِيبٌ فَتَبَادَرْ قَبْلَ أَنْ تُنَادَى بِالرَّحِيلِ.
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ أَيُّهَا الْمُغْتَرُّ بِطُولِ صِحَّتِهِ أَ مَا رَأَيْتَ مَيِّتاً قَطُّ مِنْ غَيْرِ سُقْمٍ أَيُّهَا الْمُغْتَرُّ بِطُولِ الْمُهْلَةِ أَ مَا رَأَيْتَ مَأْخُوذاً قَطُّ مِنْ غَيْرِ عِدَةٍ إِنَّكَ لَوْ فَكَّرْتَ فِي طُولِ عُمُرِكَ لَنَسِيتَ مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ لَذَّاتِكَ أَ بِالصِّحَّةِ تَغْتَرُّونَ أَمْ بِطُولِ الْعَافِيَةِ تَفْرَحُونَ أَمِ الْمَوْتَ تَأْمَنُونَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا جَاءَكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْكَ ثَرْوَةُ مَالِكَ وَ لَا كَثْرَةُ احْتِشَادِكَ[1]
[1] الاحتشاد: الاجتماع.