نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 247
من بطن أمك فأبتن[1]
على وجه الأرض قصرك فإن بطنها عن قليل يكون قبرك أ ما تخافين إذا بلغت النفس[2] منك التراقي
أن تبدو رسل ربك منحدرة إليك بسواد الألوان و كلح الوجوه[3] و بشرى العذاب فهل ينفعك حينئذ الندم
أو يقبل منك الحزن أو يرحم منك البكاء فالعجب كل العجب منك يا نفس إنك مع هذا
تدعين البصيرة و الفطنة و من فطنتك أنك تفرحين كل يوم بزيادة مالك و لا تحزنين
لنقصان عمرك و ما ينفع مال يزيد و عمر ينقص. ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة و هي
مقبلة عليك و تقبلين على الدنيا و هي معرضة عنك فكم من مستقبل يوما لم يستكمله و
كم من مؤمل لغد لم يبلغه و أنت تشاهدين ذلك في إخوانك و أقاربك و جيرانك و ترين
تحسرهم عند الموت ثم لا ترجعين عن جهالتك فاحذري أيتها النفس المسكينة يوما آلى
الله فيه على نفسه أن لا يترك عبدا أمره في الدنيا و نهاه حتى يسأله عن عمله دقيقة
و جليلة سره و علانيته فانظري يا نفس بأي بدن تقفين بين يديه و بأي لسان تجيبين و
أعدي للسؤال جوابا و للجواب صوابا- و اعملي بقية عمرك في أيام قصار لأيام طوال و
في دار زوال لدار مقامه و في دار حزن و نصب لدار نعيم و خلود اعملي قبل أن لا
تعملي اخرجي من الدنيا اختيارا خروج الأحرار قبل أن تخرجي منها على الاضطرار و لا
تفرحي بما عندك من زهرات الدنيا فرب مسرور مغبون و رب مغبون لا يشعر فويل لمن له
الويل ثم لا يشعر يضحك و يفرح و يلهو و يمزح و يأكل و يشرب و قد حق له في كتاب
الله أنه من وقود النار فليكن نظرك يا نفس إلى الدنيا اعتبارا و سعيك لها اضطرارا
و رفضك لها اختيارا و طلبك للآخرة ابتدارا و لا تكوني ممن يعجز عن شكر ما أوتي و
يبتغي الزيادة فيما بقي و ينهى الناس و لا ينتهي.