نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 246
الغليظة أنهم لا يبرحون من مكانهم ما لم يأخذوك معهم أ ما
تعلمين يا نفس أنهم يتمنون الرجعة إلى الدنيا يوما ليشتغلوا بتدارك ما فرط منهم و
أنت في أمنيتهم[1] و يوم من
عمرك لو بيع منهم بالدنيا بحذافيرها لاشتروه لو قدروا عليه تضيعين أيامك في الغفلة
و البطالة. ويحك يا نفس أ ما تستحين تزينين ظاهرك للخلق و تبارزين الله في السر
بالعظائم تستحيين من الخلق و لا تستحيين من الخالق أ هو أهون الناظرين عليك أ
تأمرين الناس بالخير و أنت متلطخة بالرذائل تدعين[2] إلى البر و أنت عنه فارة و تذكرين
الله و أنت عنه ناسية أ ما تعلمين يا نفس أن المذنب أنتن من العذرة و أن العذرة لا
تطهر غيرها فلم تطمعين في تطييب غيرك و أنت غير طيبة في نفسك. ويحك يا نفس لو عرفت
نفسك حق المعرفة لظننت أن الناس ما يصيبهم بلاء إلا بشؤمك[3]. ويحك يا نفس قد جعلت نفسك حمارا
لإبليس يقودك إلى حيث يريد و يسخر بك و مع هذا فتعجبين بعملك و كيف تعجبين بعملك
مع كثرة خطاياك. ويحك يا نفس ما أوقحك ويحك ما أجهلك ويحك ما أجرأك على المعاصي
ويحك كم تعقدين فتنقضين ويحك كم تعهدين فتغذرين ويحك يا نفس أ تشتغلين مع هذه
الخطايا بعمارة دنياك كأنك غير مرتحلة عنها أ ما تنظرين إلى أهل القبور كيف كانوا
جمعوا كثيرا و بنوا مشيدا و أملوا بعيدا فأصبح جمعهم بورا[4] و بنيانهم قبورا و أملهم غرورا. ويحك
يا نفس أ ما لك بهم عبرة أ ما لك إليهم نظرة أ تظنين أنهم دعوا إلى الآخرة و أنت
من المخلدين هيهات هيهات ساء ما تتوهمين ما أنت إلا في هدم عمرك منذ سقطت
[1] قوله و أنت في امنيتهم اي ما يتمنونه من
الرجوع و الكون في الدنيا حاصل لك الآن