نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 218
لا يتفكره متفكر إلا و يطول حزنه و يعظم خوفه و قد قال تعالى ذلِكَ لِمَنْ
خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ الناس يهذونه هذا[1] يخرجون الحروف من مخارجها و يناظرون
على رفعها و خفضها و نصبها كأنهم يقرءون شعرا من أشعار العرب لا يهمهم الالتفات
إلى معانيها و العمل بما فيها و هل في العالم غرور يزيد على هذا و من الناس من يظن
أن طاعته أكثر من معاصيه لأنه لا يحاسب نفسه و لا يتفقد معاصيه و إذا عمل طاعة
حفظها و اعتد بها كالذي يستغفر الله بلسانه أو يسبح في اليوم مائة مرة ثم يغتاب
المسلمين و يمزق أعراضهم و يتكلم بما لا يرضاه الله طول نهاره من غير حصر و لا عدد
و يكون نظره إلى عدد سبحته أنه استغفر مائة مرة و غفل عن هذيانه طول نهاره الذي لو
كتبها لكان مثل تسبيحه مائة ألف مرة و قد كتبها الكرام الكاتبون و وعده الله
العقاب على كل كلمة. و قال ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ
رَقِيبٌ عَتِيدٌ[2] فهو أبدا يتأمل
في فضائل التسبيحات و التحميدات و التهليلات و لا يلتفت إلى ما ورد في عقوبة
المغتابين و الكذابين و المنافقين و النمامين. و لعمري لو كان الكرام الكاتبون
يطلبون منه أجرة التسبيح و ما يكتبونه من هذيانه الذي زاد على تسبيحه لكان عند ذلك
يكف لسانه عن جملة من مهماته و كان يعدها و يحسبها و يوازنها بتسبيحاته حتى لا
يفضل عليه أجرة فيا عجبا لمن يحاسب نفسه و يحتاط خوفا على قيراط يفوته في الآخرة[3] على التسبيح
و لا يحتاط خوفا على فوت الفردوس الأعلى و نعيمها ما هذه إلا مصيبة عظيمة لمن تفكر
فيها فهذا أمر إن شككنا فيه كنا من الكفرة الجاحدين و إن صدقنا به كنا من الحمقى
المغرورين فما هذه أعمال من يصدق بالقرآن و ما جاء به نبي الرحمة ص فإنا نبرأ[4] إلى الله
تعالى أن نكون من أهل الكفران و من المغترين اتكالا على أباطيل المنى و تعاليل
الشيطان و هوى النفس
[1] هذه هذا و هذا ذا من باب نصر قطعه سريعا و
المراد هنا سرعة القراءة.