نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 217
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ إلى قوله
تعالى أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ
فِيها خالِدُونَ[1] فالرجاء الأول
يقمع القنوط المانع من التوبة و الرجاء الثاني يقمع الفتور المانع من النشاط و
التشمير فكل توقع حث على توبة و على تشمير في العبادة فهو رجاء و كل توقع أوجب
فتورا في العبادة و ركونا إلى البطالة فهو غرة كما إذا خطر له أن يترك الذنب و
يشتغل بالعمل فيقول له الشيطان ما لك و إيذاء نفسك و تعذيبها و لك رب كريم غفور
رحيم فيفتر به عن التوبة و العبادة و هي الغرة بعينها. فعند هذا واجب على العبد أن
يستعمل الخوف فيخوف نفسه بغضب الله و عظيم عقابه و يقول مع أنه غافر الذنب شديد
العقاب و مع أنه كريم خلد الكفار في النار أبد الآباد مع أنه لم يضره كفرهم بل سلط
الله العذاب و المحن و الأمراض و العلل و الفقر على جملة من عباده في الدنيا و هو
قادر على إزالتها فمن هذه سنته في عباده و قد خوفني عقابه كيف لا أخافه و كيف أغتر
به فالخوف و الرجاء قائدان و سائقان يبعثان على العمل فما لا يبعث على العمل فهو
تمنى و غرور. و قد أخبر النبي ص و ذكر أن الغرور سيغلب على آخر هذه الأمة و قد كان
فيما وعد به ص[2] فقد كان
الناس في الأعصار الأول يواظبون على العبادات و يُؤْتُونَ ما آتَوْا
وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ و هم طول الليل و النهار في طاعة الله يبالغون في التقوى و
الحذر من الشهوات و يبكون على أنفسهم في الخلوات و أما الآن فترى الخلق آمنين
مسرورين مطمئنين غير خائفين على أنفسهم مع إكبابهم على المعاصي و انهماكهم على الدنيا
و إعراضهم عن الله زاعمون أنهم واثقون بكرم الله و فضله و راجون لعفوه و مغفرته
كأنهم يزعمون أنهم عرفوا من كرم الله و فضله ما لم يعرفه الأنبياء و الأولياء و
السلف الصالحون كان هذا الأمر ينال بالمنى و يدرك بالهوى فعلى ما ذا كان بكاء
أولئك و خوفهم و حزنهم.